التعليمية قال " فامتلأ محفوظي من ذلك وخدش وجه الملكة التي استعددت لها بالمحفوظ الجيد من القرآن والحديث وكلام العرب، فعاق القريحة عن بلوغها " فما كان من لسان الدين إلا أن أبدى إعجابه الكبير بهذا الرأي قائلاً " لله أنت! وهل يقول هذا إلا مثلك! " لأنه وجد في الرأي أنصافاً للذات، وصواباً في التعليل.

بلاغة الإسلاميين ارفع من بلاغة الجاهلين بسبب القرآن

وانبثق عن هذه النظرية حول المحفوظ والملكة رايان نقديان خطيران: أولهما أن بلاغة الإسلاميين أمثال حسان والحطيئة وعمر وجرير والفرزدق وذي الرمة ونصيب والأحوص وبشار ارفع طبقة من شعر النابغة وعنترة وابن كلثوم وغيرهم من شعراء الجاهلية، وما ذلك إلا لان الإسلاميين أتيح لهم محفوظ من القرآن والحديث، اللذين عجز البشر عن الإتيان بمثلهما، لم يكن متاحاً للجاهليين فارتقت ملكاتهم في الباغة على ملكات من قبلهم من أهل الجاهلية ممن لم يسمع هذه الطبقة ولا نشأ عليها، فكان كلامهم في نظمهم ونثرهم أحسن ديباجة واصفى رونقاً من أولئك، وارصف مبنى واعدل تثقيفاً بما استفادوه من الكلام العالي الطبقة " (?) . وقد عرض ابن خلدون هذا الرأي على أستاذه الشريف أبي القاسم قاضي غرناطة فاعجب به، وبسببه كان يقربه ويشهد له بالنباهة في العلوم (?) ، ولو وافق المرء ابن خلدون في أساس هذا الحكم لما استطاع أن يفسر كيف يندرج مثل حسان والحطيئة في هذا السياق، إذ كان الواحد منهم مفضلاً على نفسه وعلى غيره في آن، لانهما شهدا الجاهلية ثم شهدا الإسلام. ويكفينا هذا في الاعتراض، دون أن نتساءل عن مدى تأثر الحطيئة بالقرآن أو عن التفاوت بين شعر حسان قبل الإسلام وبعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015