ابن ظافر واهتمامه بشعر البديهة

والحق أن جهود ابن ظافر النقدية، ليست مما يؤهله ليكون من مقدمي النقاد، فقد غلب عليه ميله إلى التاريخ وجمع الأخبار، ويدل كتابه " بدائع البدائه " على أنه كان مأخوذاً بالقدرة التي تستطيع أن ترسل الشعر عفو الخاطر، غير أنه لم يزد في هذا الكتاب على تعريف البديهة والارتجال والإجازة والتمليط؟ الخ، وحشد الحكايات المناسبة لكل نوع، دون نقد أو تحليل، إلا أن الكتاب نفسه قائم على فكرة نقدية خطرة وهي إحلال البديهة والارتجال محلاً عالياً في التقدير، وإظهار البراعة الذاتية فيها إلى جانب براعة الآخرين. ولنا على هذا الكتاب تعليقتان هامشيتان: أولاهما أن ابن ظافر يعد ابن الرومي " إمام الشعراء " (?) ، وهذا يؤكد ما ذكرناه عن منزلة ابن الرومي في البيئة المصرية، والثانية: مدى اهتمام ابن ظافر بأخبار الأندلس، بل محاولته تقليد الفتح بن خاقان نفسه في الحكايات المسجوعة.

اهتمامه بالتشبيه

وربما صح ان نعد كتاب " غرائب التشبيهات " لعلي بن ظافر جهداً ثالثاً في النقد، إلا أن ما قيل في بدائع البدائه يصدق على هذا الكتاب، فهو حشد للنماذج في أبواب معينة، مع اهتمام خاص بتشبيهات الأندلسيين. أن كتاب " غرائب التشبيهات " يقف في صف الكتب التي ألفت في هذا الموضوع من قبل، وهو جهد نقدي " بالقوة " إذ يحمل في ثناياه حقيقة العلاقة بين الذوق العام في العصر، وبين الصور التي تتمتع بالغرابة، وان كانت الغرابة دائماً نسبية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015