النقد في مصر والشام والعراق

في القرنين السادس والسابع

الوحدة الأدبية في هذه الأقطار

ليس من السهل أن نفرد كل قطر من هذه الأقطار عند الحديث عن النقد الأدبي في القرنين السادس والسابع، لا لأن اثنين منهما وحسب - وهما مصر والشام - كانا تحت السيادة الأيوبية في معظم هذه الفترة، وإنما لأن الصلات الثقافية بين تلك الأقطار - من ناحية عامة - كانت قوية الحلقات، ثم لأن النقاد الذين نشأوا في هذه الأقطار، كانوا من حيث النشأة والثقافة يمثلون ذلك التمازج الثقافي؛ فعبد اللطيف البغدادي رحالة عرف مصر والشام معرفة مساكنة وتأثر، وابن الأثير الذي ينتمي إلى جزيرة ابني عمر، عاش في مصر والشام، والقاضي الفاضل وابن سناء الملك وابن ظافر وغيرهم، كانوا يعرفون الحدود الجغرافية بين تلك البلدان، دون أن تمنعهم تلك الحدود من أن يكونوا يوماً هنا ويوماً هنالك.

النفرة من المؤثرات اليونانية

وبينما كانت الأندلس تحاول منذ القرن الخامس أن تربط بين اتجاهين في النقد: عربي ويوناني، من خلال جهود ابن حزم وابن خفاجة وابن رشد وحازم القرطاجني، كان نقاد هذه الأقطار يتجافون - وكأنهم يعانون لا شعورياً نظرة عدائية تجاه ما أثارته الحروب الصليبية - عن كل اثر للثقافة اليونانية، ويتمسكون بما يعتقدونه " أصالة متفردة " للنظرة العربية في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015