عالم الطبيعة بقوة التخيل والملاحظة والتجربة المستمدة عن طريق الثقافة، كدراسة ما جرى من قبل في تجارب غيره من الشعراء والأدباء أو ما أورده المؤرخون والقصاص، أو ما تبلور من التجربة الشعرية في صورة أمثال، والإفادة منه زائداً على التجربة الطبيعية، وشاعريته هي التي تستطيع أن تهديه إلى كيفية التصرف بهذا الزاد الثقافي في شعره (?) ؛ وهو في الأمرين يجب أن يخضع شعره للتناسب الصحيح والتطالب الحتمي بين ضروب المعاني من أضداد وأشباه ومتقاربات؟ الخ وقد حدد له البلاغيون نماذج من هذه المناسبات كالمطابقة والمقابلة والتقسيم والتفسير؟ الخ وعليه أن يراعي ذلك، فإن هذه المذاهب في مناسبات المعاني بعضها لبعض، إنما استخرجت من نماذج شعرية سابقة، سارع الذوق إلى استحسانها (?) . كذلك عليه أن يتدبر العيوب، أي المناحي السلبية، التي تنشأ عن الإخلال بصور المناسبات والتطالبات والتطابقات كالاستحالة بسبب الإفراط في المبالغة وفساد التقسيم وفساد التقابل والغموض؟ الخ (?) .

الغموض والوضوح في الشعر

ويتفرع عن الحديث في المعنى، حديث حازم عن الغموض والوضوح في الشعر، مع إن حازماً يقر أن بعض أنواع الغموض لابد أن يتوفر في الشعر مثل اللغز والكناية، والإشارات إلى الأحداث الماضية والقصص مما يتطلب من القارئ ثقافة خاصة، فإنه في الجملة منحاز إلى جانب الوضوح، فبعد أن يعد وجوه الغموض الناجمة عن طبيعة المعنى (كدقة المعنى أو تحمله لأوجه من التأويل) وعن طبيعة العبارة (كالتقديم والتأخير أو طول العبارة وكثرة المعترضات؟ الخ) نراه يصف للشاعر حيلاً يستطيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015