والتركيبات النظمية والمذاهب الأسلوبية إلى بعض مع الاحتفاظ بالتدرج.
فإذا اجتمعت هذه القوى معاً في شاعر أطلق عليها " الطبع الجيد ".
ويبدو لنا من هذا المدخل إلى الشعر معظم الخصائص التي يتصف بها منهج حازم، فهو منهج قائم على الانتقاء والتنسيق والقياس؛ فهو قد انتقى من نقاد الفلاسفة تعريفه لماهية الشعر وعلاقته بحركات النفس، ومن الجاحظ القول بأثر البيئة والعرق (وذلك شيء شارك في جانب منه ابن قتيبة) ، ووقف مع جميع النقاد القائلين بحاجة الشاعر إلى الثقافة (العلوم) وكذلك هو في حديثه عن البواعث؛ أما حديثه عن القوى الحافظة والمائزة والصانعة فإنها قياس على ما وجده لدى الفلاسفة (وخاصة ابن سينا) من الحديث عن قوى النفس: قوة الفنطاسيا والقوة المصورة والقوة المخيلة والقوة الوهمية والقوة الحافظة الذاكرة (?) ؛ وتبدو قيمة هذا الجمع في سيطرة حازم على مختلف الجوانب التي نجدها مبعثرة هنا وهناك - على مر الزمن - عند كثير من النقاد.
الفرق بين الشعر والخطابة وقضية الصدق والكذب
ومما يزيد حد الشعر وضوحاً إقامة التفرقة بينه وبين الخطابة، وقد كان لابد لحازم من أن يتصدى لهذا الموضوع خضوعاً للأثر الفلسفي الذي استوحاه من الفارابي وابن سينا، ويبدو انه هنا لم يحاول أن يجري في مضمار من تقدموه وإنما انفرد باستنتاجات جديدة. فقد قرر هنا أن الشعر قائم على التخييل وإن الخطابة قائمة على الإقناع، وكان الفارابي قد قال إن الأقاويل الشعرية كاذبة بالكل لا محالة لأنها قائمة على التخييل، ورغم ذلك فإنها ترجع إلى نوع من أنواع السولوجسموس (القياس) وأن لهذا التخييل قيمة