التحصيل والتفصيل " (?) . ويبدو أن ابن سينا لم يبتدع شيئاً من عند نفسه في هذا الموضوع، وشغلته عنه ظروفه، فليقم حازم بما قصر فيه أو شغل عنه ذلك الفيلسوف.

غير انه - وربما كان هذا من قبيل الحيطة - لم يحاول الاستقصاء إلى النهاية في هذه " البويطيقيا " الجديدة، وإنما ترك أشياء كثيرة مكتفياً بان يعرض الظواهر الكبرى في صناعة الشعر، ثم ما يليها من أمور تقع على عمق غير بعيد عن الظاهر، فأما الدقائق والخفايا، فقد اعرض عنها لعسرها أولاً، ولأنها تتطلب إطالة كثيرة ثانياً، ثم لأن من احكم الظواهر الكبرى وما بعدها من " المتوسطات " استطاع ان يهتدي بنفسه إلى الدقائق والخفايا (?) .

اليأس من الحال لم يقلل من الإخلاص في محاولة الانتقاد

وحقيقة الحال أن اليأس الذي كان يتسلل إلى حازم بسبب وضع الشعر والنقد في عصره، لم يمنعه من ان يكون مخلصاً في رسم منهجه النقدي، إلا أن قلة ثقته في المستوى الثقافي لأبناء ذلك العصر لم يحفزه على النزول إلى مستواهم، فكتب، منتحلاً خطة كان الشكل الذي اختاره، يناقض الغاية العملية من الإصلاح الذي ارتاه، فذهب جهده صيحة في واد، ولم يستطع أن ينقد الشعر، أو يوجه النقد، ولو أن كتاب حازم ظهر يوم ظهر نقد الشعر لقدامة أو الموازنة للآمدي لكان له - فيما أقدر - في توجيه النقد الأدبي دور آخر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015