التي تداولها العرب لا تمثل إلا شيئاً يسيراً بالنسبة إلى ما وجد في كتابي الخطابة والشعر لأرسطو - مردداً بذلك قول الفارابي (?) -؛ وهو يؤكد القول بان كتاب الشعر نفسه ناقص لم يتكلم فيه أرسطو إلا عن صنف المديح وانه وعد بالتكلم في صناعة الهجاء، وإن كان من الممكن استنباط قوانين صناعة الهجاء إذ كانت الأضداد يعرف بعضها ببعض (?) .

المديح والهجاء - التراجيديا والكوميديا

وواضح أن ابن رشد يعني بالمديح فن المأساة (التراجيديا) وبالهجاء فن الملهاة (الكوميديا) وأنه يعيد استعمال المصطلحين كما وردا عند أبي بشر متى، لا كما ورد عند ابن سينا؛ ولكن شرحه لا يدل على انه عرف هذين الكتابين، فهو يشير إلى الفارابي، وليس ما يشير إليه مما ورد في " قوانين صناعة الشعر "، ولابد أن نفترض أن الفارابي قد تحدث عن الشعر حديثاً مسهباً بالاعتماد على كتاب ارسطو، وان هذا الكتاب الذي وضعه الفارابي كان معتمد ابن رشد.

عدم فهمه للمحاكاة

وقد كانت الغاية التي وضعها ابن رشد نصب عينه هي السبب في انحرافه بعيداً بمدلولات كتاب الشعر، فهو لم يختر المصطلح الخاطئ (كالمدح والهجاء) اعتباطاً، وغنما اختاره لأنه اقرب إلى الربط بالشعر العربي، وهو لم يكتف باختيار المصطلح الخاطئ، وإنما انحرف بالمعاني والمدلولات، لكي يسوق أمثلة تقربها إلى القارئ، ولعل أكبر خطأ وقع فيه هو انه لم يفهم المحاكاة، كما فهمها الفارابي وابن سينا، فظن المحاكاة " وجهي التشبيه " في الصورة، فقال " وأصناف التخييل والتشبيه ثلاثة: اثنان بسيطان وثالث مركب منهما، أما الاثنان البسيطان فأحدهما تشبيه شيء بشيء وتمثيله به،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015