ان يكون ذا مكانة أوضح في تاريخ النقد الأدبي، ولكنه لم يسمح لشخصيته إلا بشيء يسير من الاستقلال والتفرد.

ابن رشد وكتاب الشعر

ويبدو أن الأندلس لم تعرف " كتاب الشعر " قبل ابن رشد (- 595) سوى التماعات يسيرة لعلها جاءت بالواسطة؛ فأما حين تناول ابن رشد هذا الكتاب فإنه جرى فيه على غير ما وجدناه عند الفارابي وابن سينا. هذان تهيبا الكتاب على تفاوت فيما بينهما؛ أما ابن رشد فإنه رأى أن الكتاب لا يمكن أن يكون ذا جدوى للقارئ العربي إذا هو لم يطبق ما يمكن تطبيقه من آراء أرسطو على الشعر العربي؛ كانت مهمة الشارح المبسط تدفعه إلى ان يجعل الكتاب واضحاً مفهوماً ذا فائدة عملية، بحيث لا يبقى غريباً عن النقد العربي.

خروج الشعر العربي عن مفهوم الشعر لدى اليونان

وكان يعلم حق العلم أن كثيراً من قوانينه خاص بأشعار اليونان، أو بأشعار " الأمم الطبيعية "؛ وكان يدرك أن الشعر العربي يبتعد عن مدح الفضائل، وأن ما فيه منها إنما يجيء مجيء الفخر بها لا بالحث عليها، ويوافق الفارابي في قوله: إن أكثر أشعار العرب إنما هي في النهم والكريه (?) . فالنسيب عند العرب حث على الفسوق " ولذلك ينبغي أن يتجنبه الولدان، ويؤدبون من أشعارهم بما حث على الشجاعة والكرم " (وهما الفضيلتان الوحيدتان اللتان يتحدث عنهما الشعر العربي بطريق الفخر لا الحث) (?) . ويقول في موضع آخر: " إذ كانت مدائح الفضائل ليس توجد في أشعار العرب، وإنما توجد في زماننا هذا في السنن المكتوبة " (?) ؛ وكان يدرك كذلك أن قوانين النقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015