وعاشا معاً جنباً إلى جنب، ولكن الذوق العام كان أميل إلى الاتجاه المحدث. ولما رثى الرباحي أحمد بن موسى بن حدير بقصيدة بناها على " مذاهب العرب " وخرج فيها عن " مذاهب المحدثين ". لم يرضها العامة (?) .

بدايات نقدية ساذجة

ولم يستطع النقد الأدبي في الأندلس قبل القرن الخامس ان يرتفع إلى مستوى المشكلات الكبرى التي دارت في النقد المشرقي من حديث عن الطبع والصنعة، واللفظ والمعنى، والنظم، والصدق والكذب، وما أشبه، بل ظل بسيطاً في مجالي المستوى والتطبيق، لا ينفك عن التمرس ببعض الأخطاء اللغوية والنحوية، إذ كان القائمون على تدريس الشعر من طبقات المؤدبين لا يتجاوزون - في أحسن حال - التوفر على علم معاني الشعر، وبعض الدراسات اللغوية والنحوية.

ابن عبد ربه ينقل في العقد حصيلة آراء المشارقة في عصر الرواة

وقد نجد وقفات نقدية عند ابن ربه في العقد، ولكنها جميعاً مقتبسة مما عرفه عند المشارقة من حديث عن عيوب الشعر وعدم تفضيل القدماء على المحدثين وتوفر الملكة والدربة، وهو يقول للشاعر انه لا يفيده أخذ ألفاظ الناس وكلامهم " فإن ذلك غير مثمر لك ولا مجد عليك ما لم تكن الصناعة ممازجة لذهنك وملقحة بطبعك " ويسمي السرقة باسم " الاستعارة " ويرى أن أخفاها وأدقها ما كان ينقل المنثور إلى المنظوم أو العكس (?) . وكل هذه الأمور قد مرت بنا عند الحديث عن النقد المشرقي وتكاد تكون منقولة دون تصرف أو تحوير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015