فعابه بان الشاعر قد ذم هؤلاء الناس حين أخبر أن فيهم مكثرين ومقلين، " ولو كان مكثروهم كرماء ليذلوا لمقليهم الأموال حتى يستووا في الحال " (?) ، ثم هم ضيعوا القريب واعتنوا بالغرباء وصلة الرحم أولى، ثم إن البيت يدل على أن المقلين أسخى نفوساً من المكثرين لان البذل مع الإقلال مثل أعلى في الكرم (?) ؛ ورغم هذا التدقيق الذي يطالعنا به ابن شرف، فإن نقده ينتحي منحى مثالياً، لم يخرج به عن طبيعة النقد القديم الذي سادت مقاييسه في العصر الإسلامي والأموي وظلت آثاره ملموسة في النقد على مر الزمن؛ فالإقرار بوجود مكثرين ومقلين في مجتمع ما أمر واقعي، ولكن ابن شرف يرى أن هذا مخل بالمدح؛ والاعتناء بالغرباء لا ينفي صلة الرحم، ولكن الناقد يريد النص هناك من تفوق للمقلين على المكثرين؛ وهكذا يمكننا أن ننسب هذا اللون من التدقيق للتعنت، ولكنا لا نؤاخذ ابن شرف من هذه الزاوية، لان هذا اللون من التمحك بالأقاويل كان شائعاً في النقد، وإنما نأخذ عليه أنه وهو الذي كان في مقدوره أن يسلك الطريق النفسي لاعتناق الواقعية، أخطأ مرتين: أولاهما انه لم يحاول توسيع مفهوماته النفسية فوقع في التناقض في هذا المجال، والثانية انه عاد فخضع للتيار المثالي الذي ينكر كل الاحتمالات ما عدا واحداً في تصرفات الناس وفي مقاييسهم المختلفة.

عيوب عامة

وليس في القسم الأخير من هذه الرسالة شيء جديد: هنالك ذكر الناقد عدداً من العيوب مثل اللحن وخشونة الكلمات وتعقيد وكسر الوزن ومجاورة الكلمة ما لا يناسبها والافتتاحات الثقيلة والمتطير بها، وقلق القافية، والجفاء في النسيب، والسرقة، واتى بأمثلة طال ترديد النقاد لها. وقد قسم السرقات في أنواع: منها سرقة ألفاظ وسرقة معان (وهي أكثر) ومن النوع الثاني سرقة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015