خرج الناس للاستسقاء فرجعوا وقد طغت رجل من جراد، هذين البيتين:
بينما نرتجي سحابة مزن ... غشيتنا سحابة من جراد
ليس من قلة ولا بخل رب ... إنما ذاك من ذنوب العباد وهو يشير إلى ان هذا المعنى عند أبي الحسن التهامي ثم يعجب من كثرة مواردته لأبي الحسن " حتى اتهم نفسي فيما أعلم ويعلم الناس إني سبقته علم ضرورة وبحضرة التاريخ " (?) .
التلفيق الذي يشبه الاختراع
وآخر مظهر من السرقات تحدث عنه ابن رشيق هو ما سماه " التلفيق "، وهو أن يأخذ الشاعر المعاني المتقاربة ويستخرج منها معنى مؤكداً يكون له كالاختراع، وينظر به جميعها فيكون وحده مقام جماعة من الشعراء وهو مما يدل على حذق الشاعر وفطنته " ولم أر ذلك أكثر منه في شعر أبي الطيب وأبي العلاء المعري فإنهما بلغا فيه كل غاية " (?) ؛ وتقدم رسالة " قراضة الذهب " أول دراسة نقدية لشعر المعري وطريقته في تلفيق المعنى الواحد من عدة أبيات لشعراء مختلفين، وهو ملمح عن صح دل على ذكاء ابن رشيق، وبهذا النوع الذي سماه الملفق تفوق على كل من بحث أمر السرقات من قبل. والمعري في نظر ابن رشيق " شاعر العصر بلا مدافعة " (?) ، وهذا دليل على أن هذا الناقد كان أصيل الذوق عمي النظرة؛ وانه سبق جميع النقاد إلى رؤية ميزة أبي العلاء في الشعر بين جميع شعراء عصره.