المقصود بالسرقة في الشعر، وليبين أن اشتراكه مع عبد الكريم في ذكر ارتعاد الأصابع او ارتعاشها لا يعد سرقاً؛ ولهذا ذهب يستشهد بتكرر هذه الصورة في الشعر منذ امرئ القيس " كلمع اليدين في حبي مكلل " حتى عصره هو: " ولما كثر هذه الكثرة وتصرف الناس فيه هذا التصرف لم يسم آخذه سارقاً، لأن المعنى يكون قليلاً فينحصر ويدعى صاحبه سارقاً مبتدعاً، فإذا شاع وتداولته الألسن بعضها من بعض، تساوي فيه الشعراء إلا المجيد، فإن له فضله، أو المقصر، فإن عليه درك تقصيره، إلا أن يزيد فيه شاعر زيادة بارعة مستحسنة يستوجبه بها ويستحقه على مبتدعه ومخترعه " (?) .

إعلاء شأن امرئ القيس لابتكاره المعاني

هذا هو القسم الأول من الرسالة، فأما في القسم الثاني منا فإن ابن رشيق ابتع طريقة جديدة أفادت استخراج المعاني المبتكرة عن امرئ القيس " لأنه المقدم لا محالة؟. فالمميز الحاذق بطرق البلاغة يجد لكلامه من الفضيلة في نفسه ما لا يجد لغيره من كلام الشعراء " (?) - وكيف أخذ الشعراء من بعده يتداولونها، فكان هذا القسم دراسة لشعر امرئ القيس وإظهار فضله في الابتكار إلى جانب الكشف عن تداول المعاني، وبذلك أظهر تفوقه في الاستعارة والتشبيه والمبالغة والتتميم والاحتراس وانه الذي اهتدى إلى هذه الأمور أولا وفتق للشعراء هذه الفنون وكان هذا تطبيقاً لما قاله فيه في العمدة: " وله اختراعات كثيرة يضيق عنها الموضع، وهو أول الناس اختراعاً في الشعر وأكثرهم توليداً " (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015