(?) طرافة الرأي: كحديثه عن الصلة بين الفقر والشعر: " والفقر آفة الشعر. وإنما ذلك لان الشاعر إذا صنع القصيدة وهو في غنى وسعة نقحها وانعم النظر فيها على مهل، فإذا كان مع ذلك طمع غنى قوي انبعاثها من ينبوعها وجاءت الرغبة بها في نهايتها محكمة. وإذا كان فقيراً مضطراً رضي بعفو كلامه وأخذ ما أمكنه من نتيجة خاطره ولم يتسع في بلوغ مراده ولا بلوغ مجهوده نيته؟. ومنهم من تحمي الحاجة خاطره وتبعث قريحته فيجود فإذا أوسع انف وصعب عليه عمل الأبيات اليسيرة فضلاً عن الكثيرة. وللعادة في هذه الأشياء فعل عظيم، وهي طبيعة خامسة كما قيل فيها " (?) .

(4) تأثره بالإقليمية رغم ثورته عليها: قد رأينا في تكرهه لصورة أوردها أمرؤ القيس كيف أن ذوقه كان حضرياً. ولذا كان يحاول أن يخضع النقد لما تتطلبه الحاضرة التي يعيش فيها. فبعد أن بين اثر الحاضرة والبادية في النسيب واختلاف كل منهما عن الأخرى. استنكر أن يذكر ابن الحاضرة ركوب الناقة إلى الممدوح " وليس في زماننا هذا ولا من شرط بلدنا خاصة شيء من هذا كله؟ لا سيما إذا كان المادح من سكان بلد الممدوح يراه في أكثر أوقاته، فما أقبح ذكر الناقة والفلاة حينئذ " (?) . غير أنه من ناحية أخرى ثائر على بعض المقاييس النقدية السائدة في بلده: " ورأيت من علماء بلدنا من لا يحكم للشاعر بالتقدم ولا يقضي له بالعلم إلا أن يكون في شعره التقديم والتأخير. وأنا استثقل ذلك من جهة ما قدمت " (?) كذلك هو ثائر على كثرة الأدعياء في الميدان الأدبي: (وكم في بلدنا هذا من الخفاث قد صاروا ثعابين. ومن هذا البغاث قد صاروا شواهين: أن البغاث بأرضنا يستنسر، ولولا أن يعرفوا بعد اليوم بتخليد ذكرهم في هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015