الاستعارة، وتجمعهم المجالس فيتناقشون ويتماحكون، وينقسم الشهود كل على حسب هواه بين كل متحاورين منهم. وكانت الثقافة المشرقية قد نقلت إليهم طرقاً متفاوتة في النقد أيضاً. فعرفوا ابن قتيبة وقدامة وابن وكيع والجرجاني والرماني وكثيرين غيرهم. وهكذا كانت جميع العوامل مسعفة على ظهور حركة نقدية في القيروان؛ فكان من أعلامها أبو عبد الله القزاز الذي ألف كتاباً في ما أخذ على أبي الطيب، وابن ميخائيل محمد بن الحسين القرشي الذي كان شديد الانتقاد على مذهب قدامة (?) ، إلا أنا لا نعرف له مؤلفاً نقدياً؛ وعبد الكريم بن إبراهيم النهشلي صاحب كتاب " الممتع "، وابن رشيق مؤلف العمدة وقراضة الذهب والأنموذج في شعراء القيروان؛ وابن شرف الذي هاجر إلى الأندلس بعد خراب القيروان، وهنالك كتب " رسالة الانتقاد ".

عبد الكريم النهشلي صاحب الممتع

ويمكن أن يعد عبد الكريم النهشلي أستاذاً لابن رشيق ومن ابعد الشخصيات تأثيراً فيه، فكتاب العمدة ينطق بما يكنه له ابن رشيق من تقدير وإجلال؛ وكان إبراهيم كاتباً للمعز بن باديس، يذهب في شعره مذهب التروية والإطالة. ويبدو انه كان طيب القلب لا يفقه شيئاً كثيراً في أمور الدنيا حتى وصفه بعض الناس بالبله، ولما قيل له في ذلك أجاب: هل أنا ابله في صناعتي؟ قيل: لا، فقال: فما على الصائغ أن يكون نساجاً (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015