الصورة التي تحدث في المعنى والخاصة التي حدثت فيه، ويعنون الذي عناه الجاحظ حيث قال: وذهب الشيخ إلى استحسان المعاني والمعاني مطروحة وسط الطريق؟ الخ " (?) فالذي يعنيه الجاحظ وأمثاله هو تلك " الصورة " لا مجرد اللفظ نفسه.

إلى أي مدى يصح تصور الشعر كالصياغة أو إلا برسيم

لقد لجا عبد القاهر كثيراً، وهو يشرح هذه الفكرة حول " الصورة " المجتمعة من اللفظ والمعنى، إلى التمثيل عليها ومقايستها بعملية الصياغة أو بالوشي والابرسيم ولكنه كان في كل مرة متنبهاً إلى ما تجره هذه المقايسة من تضليل، فالذي يتصور الشعر صياغة قد يرستم في ذهنه أن الصائغين يصنعان سوارين لا يكون الفرق بينهما واضحاً، فهل يمكن أن يحدث مثل ذلك في " النظم "؟ ويجيب عبد القاهر على هذا التساؤل بتقرير مبدأ التفاوت دائماً، ولكن الناس درجوا على ان يقولوا هذا شاعر قد أتى بالمعنى بعينه، على طريق التساهل والتجوز، ولا يمكن لشاعر آخر أن يأتي بالمعنى بعينه، إلا كان ذلك تكراراً تاماً لعبارات الشاعر الأول، وفي هذا نفسه ما يدل على ميزة النظم لأنها هي التي تحقق ذلك التفاوت (?) . أما التشبيه بالابريسم فإنه أيضاً قاصر لأنه قد يوحي أن " النظم " ضم للكلمات بعضها إلى بعض كما يحدث في ضم الألفاظ يتبع نسقاً قرره النحو، فإذا ضمت الألفاظ إلى بعضها البعض دون ان تتوخى فيها معاني النحو لم يكن ذلك نظماً، فالفرق إذن بين النظم والابريسم هو فرق في " العامل العمدي " في إنشاء سياق ما (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015