انفعالاً نفسانياً غير فكري سواء كان القول مصدقاً به أو غير مصدق " (?) . ويقارن بين أثر المحاكاة - وهو التخييل - وبين التصديق، فيرى أن كليهما إذعان، إلا أن التخييل إذعان للتعجب والالتذاذ بنفس القول، والتصديق إذعان لقبول أن الشيء على ما قيل فيه (?) ، ويمضي في تبيان المحاكاة وضروبها، وكيف يكون إحداث التعجب صادراً عن حيلة في اللفظ أو المعنى، ويفرع أنواع الحيل التي بها تتعدد الصيغات الشعرية، ثم يعرج على أنواع الشعر عند اليونان معتمداً - في اغلب الظن - على ما أورده الفارابي من قبل.
صورة كتاب الشعر في نفسه
حتى إذا انتهى من هذه المقدمة بدأ النظر في كتاب الشعر نفسه فلم يدع انه يفهم كل شيء فيه وإنما حدد غايته بالتعبير عن القدر الذي فهمه من المعلم الأول: " إذا أكثر ما فيه اقتصاص أشعار ورسوم كانت خاصة بهم ومتعارفة بينهم يغنيهم تعارفهم إياها عن شرحها وبسطها " (?) .
إدراكه الفرق بين الشعر اليوناني والعربي
وحين يقف ابن سينا عند قول أرسطو: " واعمال الناس هي موضوعات المحاكاة " (?) أو كما يقول في تلخيصه: " والشعر اليوناني إنما كان يقصد فيه في أكثر الأمر محاكاة الأفعال والأحوال لا غير " (?) يلمح الفرق بين الشعر اليوناني والعربي على نحو يدل على انه يعي طبيعة كل منهما دون غموض، فالشعر العربي يحاكي الذوات، لا الأفعال: " وكانت (العرب)