نص ابن سينا ظهر حين ابتعد النقد عن الثقافة اليونانية
وقد يكون ابن سينا قام بتخليص هذا الكتاب في أواخر القرن الرابع أو أوائل الخامس، وتلك حقيقة أخرى جعلتنا نتحدث عنه في نقد القرن الخامس، أعني أن الكتاب تأخر عن موعده - إذا صح هذا القول - فجاء بعد ذلك الازدهار في حياة النقد الأدبي، ولم يجد قدامة ثانياً ليفيد منه، بعد إذ أصبح الوضوح فيه أشمل واقرب منالاً. ولكن لم تكن محاولة ابن سينا هي الوحيدة، إذ يذكر ابن أبي أصيبعة أن ابن الهيثم (حوالي - 432) لف " رسالة في صناعة الشعر ممتزجة من اليوناني والعربي " (?) ، إلا أن هذه الرسالة لا تزال محجوبة لم تنلها يد الكشف بعد.
الميزة العامة لغرض ابن سينا
ويمثل كتاب الشعر كما أورده ابن سينا أوضح صورة - فيما نعرفه حتى اليوم - من صور هذا الكتاب، فهو يرتفع عن غموض ترجمة ابي بشر متى بن يونس وركاكتها ورداءتها، وهو أوسع نطاقاً من اللمحات الخاطفة التي جاء بها الفارابي، وهو أسلم من محاولة ابن رشد من بعد، لان ابن سينا لم يتورط كثيراً في تطبيقات خاطئة؛ ومن الحق ان نفترض انه اعتمد على ترجمة جيدة قام بها يحيى بن عدي أو غيره (?) .
تعريفه للشعر
ويبدأ ابن سينا بمقدمة ليست من أصل كتاب الشعر يتحدث فيها عن تعريف الشعر وأنه " كلام مخيل مؤلف من أقوال موزونة متساوية، وعند العرب مقفاة ". ثم يشرح هذا التعريف ويدل على أن المنطقي لا يهمه منه إلا الحديث عن التخييل، فالكلام المخيل (هو الكلام الذي تذعن له النفس فتنبسط عن أمور وتنقبض عن أمور من غير روية وفكر واختيار وبالجملة تنفعل له