عند العرب وصفاً سطحياً أو تلخيصاً مبتسراً للآثار التي خلفوها.
وقد كان يحدوني إلى هذا العمل - الذي استغرق من جهدي سنوات - شعوري بان النقد عند العرب في حاجة إلى استئناف في النظر والتقييم، إذا أنا قرأت ما كتب عنه من مؤلفات حديثة، وإحساسي وأنا اقرأ الكتب النقدية المختلفة التي كتبها الأسلاف أن فيها ما يستحق بذل الجهد ليعرض ذلك النقد بأمانة وإنصاف.
واحب أن أقرر هنا، أن النقد لا يقاس دائماً بمقياس الصحة أو الملاءمة للتطبيق، وغنما يقاس بمدى التكامل في منهج صاحبه؛ فمنهج مثل الذي وضعه ابن طباطبا أو قدامة، قد يكون مؤسساً على الخطأ في تقييم الشعر - حسب نظراتنا اليوم - ولكنه جدير بالتقدير لأنه يرسم أبعاد موقف فكري غير مختل، وعن هذا الموقف الفكري يبحث دارس تاريخ النقد، ليدرك الجدية والجدة لدى صاحبه في تاريخ الأفكار.
ولهذا تركت هؤلاء النقاد يتحدثون عن مواقفهم بلغتهم في أكثر الأحيان، ولم أحاول ان أترجم ما قالوه إلى لغة نقدية معاصرة، إلا في حالات قليلة جداً حين تستغلق العبارة على القارئ المعاصر، كما هي الحال في نقد حازم القرطاجني.
ولست أدعي أنني أتيت على كل ما يمكن أن يقال في هذا الموضوع، ولكني التزمت بحدود المنهج الذي رسمته، وهو منهج يمكن القارئ بعد ان يقرأ مادة هذا البحث من أن يعيد بناء كثير من الجزئيات والقضايا المفردة على نحو جديد - حسبما بينت ذلك في المقدمة؛ فإني غنما جعلتها نموذجاً للبحوث المستقلة في مشكلات بأعيانها مثل: أثر الاعتزال في نشأة النقد الأدبي وتطوره - شخصية الناقد كما تصورنا النقاد العرب - أثر الإحساس