بسم الله الرحمن الرحيم

تمهيد

حاولت في هذه الدراسة أن أقدم صورة عن النقد الأدبي عند العرب منذ أواخر القرن الثاني الهجري حتى القرن الثامن، أو من الفترة الممتدة بين الأصمعي وابن خلدون - في مشرق العالم الإسلامي ومغربه -، وقد اتبعت فيها منهج التدرج الزمني، لأنه يعين على تمثل النقد في صورة حركة متطورة. بين مد وجزر أو ارتفاع وهبوط، على مر السنين. وقد عمدت إلى الوقوف عند القضايا الكبرى، معرضاً عن جزئيات الأمور التي تصرف الدارس عن إبراز الدور " الفكري " للنقاد العرب، وتنشبه في الأخذ والرد حول الأمور الجانبية، وتورطه في شكة معقدة من القواعد البلاغية.

وإذ كان همي منصرفاً إلى إقامة كيان للنقد الأدبي عند العرب، كان لابد لي من الاستقصاء في المصادر، المطبوع منها والمخطوط على السواء. والاحتكام إلى أساس شمولي في النظرة الكلية إلى ذلك الكيان، ولهذا السبب لم اقصر الرؤية على من عرفوا بالنقد التطبيقي مثل الآمدي والقاضي الجرحاني وابن الأثير، بل درست من كان لهم نشاط نظري في النقد مثل الفارابي وابن سينا وابن خلدون، محاولاً في كل خطوة ان أوجد - حتى عند النقاد التطبيقيين - الأسس النظرية الفكرية التي كانت توجه النقد لدى كل منهم، وبغير هذا التصور - فيما اعتقد - تظل دراسة النقد الأدبي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015