أنصار المعنى
أما أصحاب المعاني فهم الذين يفضلون أن ينقلوا آثار عقولهم أكثر من اهتمامهم بالشكل، ليستفيد المتأمل، ولذلك " طلبوا المعاني المعجمة من خواص أماكنها، وانتزعوها جزلة عذبة حكيمة ظريفة أو رائقة بارعة فاضلة كاملة لطيفة شريفة زاهرة فاخرة، وجعلوا رسومها ان تكون قريبة التشبيه لائقة الاستعارة صادقة الأوصاف لائحة الأوضاع خلابة في الاستعطاف عطافة لدى الاستنفار مستوفية لحظوظها عند الإسهام من أبواب التصريح والتعريض والإطناب والتقصير والجد والهزل والخشونة والليان والإباء والإسماح، من غير تفاوت يظهر في خلال أطباقها ولا قصور ينبع من أثناء أعماقها؟ الخ " (?) ؛ ومحصل موقف المرزوقي انه لا بد من الائتلاف بين اللفظ والمعنى ائتلافاً تاماً. ولكن الشعر - دون النثر - ليس معنى ولفظاً وحسب، بل هو كما قال قدامة " لفظ موزون مقفى يدل على معنى " وإذن ففيه عنصران آخران يجعلان الكلف فيه أشد ولابد من مراعاتهما عند النقد كما يراعى جانب اللفظ والمعنى.
وواضح من هذا التصوير لجانبي اللفظ والمعنى ان المرزوقي في قسمته لمراتب النظم لم ينتبه إلى أن كل معنى قد يمكن التعبير عنه في ثلاثة أنواع من المبنى، وأنه لو سئل هذه المباني أشد وفاء بالمعنى لم يستطع الإجابة أو لتهرب منها باللجوء إلى اختلاف الأذواق.
عمود الشعر
وإذا كان الحال كذلك رأيناه يسرع إلى تحديد عمود الشعر " ليتميز تليد الصنعة من الطريف "، وقديم نظام القريض من الحديث؟ ويعلم فرق ما بين المصنوع والمطبوع " (?) ؛ وقد عاد إلى العناصر التي عدها الآمدي