المشكلة الثانية في التفاوت بين اختيار أبي تمام وشعره

وتجيء المشكلة الثانية تالية لهذه في المجال النقدي، وهي تبدأ من منطلق جزئي هو: " لماذا كان اختيار أبي تمام من نسيج مختلف عن شعره؟ " وجواب المرزوقي على هذه المشكلة قد يترجم في لغتنا الحديثة إلى ان الاختلاف بين مختارات أبي تمام وبين شعره ناجم عن التباين بين أبي تمام الناقد وأبي تمام الشاعر: فأبو تمام الناقد " كان يختار ما يختار لجودته " واما أبو تمام الشاعر " فكان يقول ما يقول من الشعر بشهوته " (?) - الإستجادة من عمل القوة الناقدة أما الشهوة فإنها من عمل القوة الشاعرة (ذات الشعور) ، وقد كان أبو تمام حين يختار الشعر يسلط القوة الأولى " وطرق الإحسان والاستحسان لم تستتر عنه " فإذا نظم لجأ إلى القوة الثانية؛ وهذا ما قد يثير سؤالاً آخر: هل من الضروري ان يكون الناقد شاعراً؟ وجواب المرزوقي على هذا لابد أن يكون بالنفي " ولو أن نقد الشاعر كان يدرك بقوله لكان من يقول الشعر من العلماء (يعني النقاد) أشعر الناس. ويكشف هذا أنه قد يميز الشعر من لا يقوله، ويقول الشعر الجيد من لا يعرف نقده " (?) . وبهذا الفصل الحاسم قضى المرزوقي على قول من قد يقول: الشعراء اعرف الناس بنقد الشعر، ولم يلتفت إلى ما حدث في تاريخ النقد العربي، لم يلتفت إلى ان ابن المعتز وابن طباطبا والآمدي والجرجاني وغيرهم كانوا شعراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015