وهو يرى أن المتنبي كان " رجلاً زراقاً شديد الحيلة للمعيشة وكان يصنع الأحاديث لنفسه ويعمل لها الأشعار ليري الناس أن فيه همة تسمو لذلك " (?) وأنه أيضاً كان " نفاخاً بذاخاً يري مخاطبه انه يحسن أضعاف ما يظنه به " (?) وفي الجملة لا يرضى طريقة المتنبي في عدم المجاملة للرؤساء ومن يجالسهم ولذلك يقول في تعليقه على قصيدة " وأحر قلباه ": " تعتب وتظلم وكان هو الظالم لنفسه؛ كان المتنبي في طبعه استدعاء عداوات الناس لأنه كان عريضاً كثير التعريض والتصريح لندماء سيف الدولة، شديد الزهو والافتخار عليهم، فإذا جاء بمثل هذه المواضع عارضوه وخاضوا فيها؟ وكانوا عصبة، وآل الأمر إلى أن غلبوه وأزعجوه عن حضرة سيف الدولة وأخرجوه من نعمته " (?) ؛ ثم يقول في موضع آخر: " لو كان موفقاً للزم سيف الدولة، فإنه كان واحد الزمان، ولكن سوء الرأي شبه له وأطعمه في خلف منه، وقد كان كافور كريماً، ولا قياس على سيف الدولة، ولكنه أفسده على نفسه من حيث ظن انه يصلحه " (?) .
هجومه الشديد على ابن جني
فأما ابن جني فإنه في رأي الوحيد قد تصدى لشيء لا يحسنه، حتى ليقول له في بعض المواطن: " لو كان لنقد الشعر والحكم فيه محتسب لمنعك أيها الشيخ من ذلك لأنه ليس من عملك " (?) ، وينصحه بعنف وزجر أن يظل معلماً للصبيان: " عليك أيها الشيخ بنفض اللحية وتبريق العينين للصبيان ورفع السير عليهم؟ ولا يحل لك التعرض للشعر " (?) ، وينسى انه يريد