ماذا حقق ابن جني في شرحه

ود استطاع ابن جني أن يحقق كثيراً مما رسمه لنفسه في هذا الشرح فجلا غوامض المعاني، ووجه النواحي اللغوية والنحوية التي أخذت على المتنبي، وزود شرحه بشواهد كثيرة ليدل على الشبه بين طريقة المتنبي وطريقة الأقدمين في التعبير، واستجاز الاستشهاد بشعر المحدثين لأنه يستشهد به في المعاني مثلما يستشهد بشعر الأقدمين في الألفاظ، وكانت جوانب من شرحه وثيقة هامة لأنه أثبت فيه ما دار بينه وبين الشاعر من اخذ ورد حول بعض الأمور؛ من ذلك مثلاً: " سألته يوماً عن قوله:

وقد عادت الأجفان قرحاً من البكا ... وعاد بهاراً في الخدود الشقائق فقلت له: أقرحاً منون جمع قرحة أم قرحى - ممال - فقال: قرحاً منون؛ ثم قال: ألا ترى بعده وعاد بهاراً في الخدود الشقائق - يقول - فكما أن بهاراً جمع بهارة. وإنما بينهما الهاء، فكذلك قرحاً جمع قرحة ". ثم يعلق ابن جني على ذلك قائلاً: " فليت شعري هل يصدر هذا عن فكر مدخول أو روية مشتركة! " (?) .

اعتذار ابن جني عن الضعف في بعض الأمور اللغوية

غير أن هذه المفاوضات بين الرجلين تنبئ عن أن موقف المتنبي في بعض الأمور اللغوية لم يكن دائماً موقف القوي، وأن خصومه كانوا يستندون إلى أسباب قوية في نقده من تلك الناحية، ولهذا يبدو ابن جني هنا متشبثاً بالعذر - وهو اضعف الموقفين. من ذلك وقفته عند قول المتنبي " ومصبوحة لبن السائل " فقد قال: " سألت أبا الطيب وقت القراءة عليه فقلت له عن الشائل لا لبن لها، وإنما التي لها بقية من لبنها هي التي يقال لها الشائلة، فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015