ثناء الصاحب على مقدرة ابن العميد في النقد
ولا ندري ما الذي حدا بالصاحب إلى أن يستطرد في مقدمة رسالته متملقاً ابن العميد بالثناء على مقدرته في النقد، فكل ما أورده هنالك لا يدل على مقدرة نقدية البتة، فابن العميد ينص على سلامة الحروف من الثقل ويكره السناد، ويستطيع أن يدرك في الشعر الكسر واللحن والإحالة (ولو كان لشاعر يعجبه كالبحتري) ويغير اللفظة في بيت يرويه لأنها لا تعجبه، ويرى أن يطابق الشاعر بين غرضه وما يصلح له من وزن وقافية، ويؤمن بحسن المطالع والمقاطع؟ وكل هذا لا يصنع ناقداً. وإذا كانت هذه هي المقاييس التي تعلمها الصاحب فقد كان جديراً أيضاً بالتخلي عن النقد لأربابه. وأحسب أن الصاحب أستطرد للثناء على أبن العميد كأنه يطلب إلى بن العميد إقراره على ما سيقوله في المتنبي، وكأنما يومئ إلى أنه لا يتعمد أن يعيب الشاعر الذي مدحه سيده، إلا لأن ذلك السيد نفسه لا ترضيه طريقته، فأبن العميد مم يكلف بالبحتري، ولا يقدم عليه أحداً من الشعراء؛ والصاحب أيضاً مسرور من نباهة الجاحظ لأنه لم يجد النقد إلا " عند أدباء الكتاب "، والصاحب كاتب أديب، فكأن الجاحظ سلمه راية النقد أيضاً: " فلله أبو عثمان فقد غاص على سر الشعر فاستخرج ما هو أدق من الشعر " (?) .
مساوئ المتنبي كما ذكرها الصاحب
ونريد أن نحمل رسالة الصاحب على محمل جاد - إذا استطعنا ذلك - لنتبين فيها المساوئ التي عدها على المتنبي، فمنها:
1 - استعمال الألفاظ الحوشية والنابية مثل " التوراب " و " مسبطر ".
2 - الإبهام على طريقة الصوفية في كلام كأنه رقية العقرب (استعمل أبن وكيع أيضاً هذا الوصف " مثل: " سبوح لها منها عليها شواهد ".