رسالة الصاحب في الكشف عن مساوئ المتنبي

أما ما بين المتنبي والصاحب فيمثل مشكلة من نوع آخر، إذ يقال إن الصاحب كان يتمنى أن يزوره المتنبي باصفهان، عند توجهه إلى فارس، ولكن المتنبي أعرض عنه: " فصيره الصاحب غرضاً يرشقه بسهام الوقيعة، يتتبع عليه سقطاته في شعره وهفواته، وينعى عليه سيئاته.. " (?) وإذا كان الصاحب كما وصفه بعض معاصريه بأن " حسده لغيره على فصل حسن ولفظ حر بقدر إعجابه بما يقوله ويكتبه " (?) . فمن السهل أن نفهم لم كتب رسالته " الكشف عن مساوئ المتنبي " (?) ؛ من الطريف أن الصاحب يفتتحها بذم الهوى والحمية، لأن تغليب الهوى يطمس أعين الآراء، والميل معه ببهم سبيل الصدق (?) ، ويجعل سبب إنشائه الرسالة لجاج واحد من المعجبين بالمتنبي في الدفاع عن صاحبه (سيصبح هذا الجدل وسيلة تقليدية للتأليف في عيوب المتنبي) ، وينعى على العصر كثرة المتسورين على حمى النقد الأدبي: " وقد بلينا بزمن زمن يكاد المنسم فيه يعلو الغارب، ومنينا بأغبياء أغمار قد اغتروا بممادح الجهال لا يضرعون لمن حلب الأدب أشطره، ولا سيما علم الشعر، فهو فوق الثريا، وهم تحت الثرى، وهم يوهمون أنهم يعرفون، فإذا تكلموا رأيت بهائم مرسنة وأنعاماً مجفلة " (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015