" وقد تكلمت بكلام لو مدحت به الدهر لما دارت صروفه " (?) ، كذلك يشير إلى أرسطو في كتاب حلية المحاضرة في باب " نظم المنثور " وانه ندب الاسكندر عند موته، ونظم معناه صالح بن عبد القدوس " (?) وذكر إن أرسططاليس يذهب إلى أن " من البلاغة حسن الاستعارة " (?) ، ومن الغريب أن الحاتمي ظن إن حسن الاستعارة تعني هنا إجازة اخذ الشاعر معاني من تقدمه. وهذا فهم في غاية الغرابة. فمن الممكن أن يكون هذا الملمح المبكر هو الذي هداه إلى أن يتتبع التشابه بين معاني المتنبي ومعاني أرسطو.
وأما الإنصاف فإنه يتجلى في قوله في مقدمة رسالته: " والذي بعثني على تصنيف هذه الألفاظ المنطقية والآراء الفلسفية التي أخذها أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي منافرة خصومي فيه، لما رأيت من نفور عقولهم عنه وتصغيرهم لقدره؟. ووجدنا أبو الطيب؟ قد أتى في شعره بأغراض فلسفية ومعان منطقية، فإن كان ذلك منه عن فحص ونظر وبحث فقد أغرق في درس العلوم، وإن يك ذلك منه على سبيل الاتفاق فقد زاد على الفلاسفة بالإيجاز والبلاغة والألفاظ الغريبة، وهو في الحالتين على غاية من الفضل وسبيل نهاية من النبل. وقد أوردت من ذلك ما يستدل على فضله في نفسه وفضل علمه وأدبه وإغراقه في طلب الحكمة؟ " (?) ، ومن عرف هجوم الحاتمي على المتنبي في مواقف أخرى استكثر منه هذا الإنصاف. حتى ليشك في نسبة هذه الرسالة إليه، ولكنا يجب أن نتذكر أن الحاتمي كان مدفوعاً إلى التهجم على المتنبي في بعض الفترات بدوافع ذاتية وأخرى خارجية، وإنه ربما هدأت ثائرته، فأحب