يعتمد إطلاقاً على البرهان ويكون صدقاً كله، ومع ذلك فغن الأقاويل الشعرية ترجع إلى نوع من أنواع السولوجسموس (القياس) أو ما يتبعه من استقراء ومثال وفراسة (?) . ولهذا كان للتخييل في الشعر قيمة العلم في البرهان، والظن في الجدل، والإقناع في الخطابة، لأنه ذو قيمة - سنتبين طبيعتها - في الفعل الإنساني (?) ، لهذا يكون من الخطأ الفادح أن نجعل كلمة " كذب " تهويناً من شأن الشعر.
عنصر المحاكاة أو التخييل
وهذا التخييل هو الذي يسمى المحاكاة " والأقاويل الشعرية هي التي شانها أن تؤلف من أشياء محاكية للأمر الذي فيه القول؛ فإن محاكاة الأمور قد تكون بفعل، وقد تكون بقول، فالذي يفعل ضربان: أحدهما أن يحاكي الإنسان به إنساناً بعينه أو شيئاً غير ذلك - أو يفعل فعلاً يحاكي به إنساناً ما أو غير ذلك. والمحاكاة بقول هو: أن يؤلف القول الذي يضعه أو يخاطب به من أمور تحاكي الشيء الذي فيه القول، وهو أن يجعل القول دالاً على أمور تحاكي ذلك الشيء، ويلتمس بالقول المؤلف مما يحاكي الشيء تخييل ذلك الشيء: أما تخييله في نفسه وإما تخييله في شيء آخر، فيكون القول المحاكي ضربين: ضرب يخيل الشيء نفسه، وضرب يخيل وجود الشيء في شيء آخر " (?) .