ذهنه. غير انك تجده حين يتحدث عن شئون الغلو والفضيلة وأخلاقية المنبع الشعري، ولا أخلاقية بعض النماذج الشعرية، غنما همه ان يوافق بين ما حشده من روافد مختلفة تأدت إليه من ثقافته اليونانية، وسواء أكان فهمه للآراء دقيقاً أو خاطئاً، وسواء أكانت أجوبته على المشكلات موفقة أو غير موفقة، فغن هذا الموقف يصور ما كان يشغل باله من شئون المزاوجة بين الشعر والفكر، وابتداع " علم " نقدي. وليس من الضروري أن نتتبع دينه إلى يونان في جزئيات الأمور (?) ، وإنما يكفي أن نقول من قدامة ليضع ما يمكن أن نسميه " منطق الشعر ". وليس هذا واضحاً وحسب في بناء الكتاب وتقسيماته، وحدوده، واقتباس بعض الآراء اليونانية فيه، بل هو واضح على أشده في الحديث عن خصائص المعاني وعيوبها كذلك.

منطق الشعر

فإن " منطق الشعر " يقتضي صحة التقسيم وصحة المقابلات وصحة التفسير والتكافؤ، وهو أيضاً ينر فساد التقسيم وفساد التقابل وفساد التفسير والتناقض؛ غير أن الفضائل المذكورة تمثل طبيعة الفكر الإنساني السليم، كما أن العيوب تمثل ما ينكره هذا الفكر، فتلك فضائل لا يستقل بها الشعر، وهذه عيوب تنطبق على كل شئون القول؛ ولبيان هذا الموقف بمزيد من الوضوح أقول: إننا حقاً قد نستبين العيب من جهة فساد التقسيم أو فساد التقابل أو التناقض في الشعر، وننفر منه من أجل واحد أو غير واحد من هذه العيوب، فالمقياس السالب هنا، أدق في تفسير عدم التأثير الذي نرجوه في الشعر، ولكن المقاييس الإيجابية لا تصنع شعراً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015