تظل تحفر عنه عن ضربت به ... بعد الذراعين والساقين والهادي فليس خارجاً عن طباع السيف أن يقطع الذراعين والساقين والهادي وان يؤثر بعد ذلك ويغوص في الارض، ولكنه مما لا يكاد أن يكون؟ وليس في طباع الإنسان أن يعيش أبداً؛ وأيضاً فأنا كنا قد قدمنا أن مخارج الغلو إنما هو على " يكاد " وليس في قول أبي نواس: عش أبداً موضع يحسن فيه، لأنه لا يحسن على مذهب الدعاء أن يقال: يا أمين الله تكاد تعيش أبداً (?) .

وهذه قضية تتطلب توضيحاً، فقد أقرا قدامة أن الغلو يخرج " عن باب الموجود ويدخل في باب المعدوم " وأجاز ذلك على سبيل المثل وبلوغ النهاية (?) ، إلا أنه وإن كان معدوماً، فإن وقوعه أمر ممكن، أما الممتنع فإن وقوعه أمر غير ممكن، ولامتحان الفرق بين هذين نضع كلمة " يكاد " فحيث صلحت فذلك غلو جائز الوقوع، وحيث لم تصلح فذلك " ممتنع " لا يكون أبداً (وإن جاز أن يتصور في الوهم) . وهذا يجعل الغلو واسع المدى بحيث لو سمعنا قول الشاعر:

ولو قلم ألقيت في شق رأسه ... خفيت وما غيرت من خط كاتب لقلنا على مذهب قدامة " أكاد أخفى؟ " وإذن يكون هذا من الغلو الذي لا يمنعه قدامة، وأمثال ذلك كثيرة، وواضح ان الوقوف عند حد " الممتنع " الذي لا يكون أبداً غير دقيق في التمييز بين أنواع الغلو.

وقد كان قدامة في هذا الموقف يستوحي أيضاً فكرة وردت عند ارسططاليس وهي: " أما فيما يتصل بالصدق الشعري فإن المستحيل المحتمل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015