هذا التصور يفسر لنا لم كانت " السنة " العربية في الشعر تملك لب ابن طباطبا، ذلك لأنه لم يكن يرى المثل الأعلى الفني في تلك السنة وحسب، بل لأنها كانت في تصوره مثالاً أخلاقياً كذلك.
(?) أما النوع الخامس من الصدق فهو الصدق التصويري أو ما يسميه ابن طباطبا " صدق التشبيه " وهو ينص عليه في غير موطن من كتابه؛ على الشاعر أن " يتعمد الصدق والوفق في تشبيهاته " (?) ، وأحسن التشبيهات ما إذا عكس لم ينتقض بل يكون كل شبه بصاحبه مثل صاحبه ويكون صاحبه مثله مشتبهاً به صورة ومعنى (?) ، وللتشابه أنحاء: منها الصورة والهيئة والمعنى والحركة واللون والصوت، فكلما زاد عدد هذه الأنحاء في التشبيه " قوي التشبيه وتأكد الصدق فيه " (?) ومن التشبيهات التي أجمعت فيها الصورة واللون والحركة والهيئة قول ذي الرمة:
ما بال عينك منها الدمع ينسكب ... كأنه من كلى مفرية سرب
وفراء غرفية أثاى خوارزها ... مشلشل ضيعته بينها الكتب فما كان من التشبيه صادقاً قلت في وصفه " كأنه " أو قلت " ككذا " وما قارب الصدق قلت فيه: تراه أو تخاله أو يكاد (?) ، فإذا خرج الشاعر عن الصدق انتقل إلى الغلو والإفراط، وذلك عيب. ومتى تضمن الشعر صفات صادقة وتشبيهات موافقة وأمثالاً مطابقة تصاب حقائقها ارتاحت غليه النفس وقبله الفهم (?) . فإذا توفرت للشعر