يفهم من خبر مروي عن أبي الحسن علي بن الحسن الأخفش أن الخليل والأصمعي كانا يعرفان " الطباق " (?) ويروي أحدهم عن الأصمعي حديثاً في المطابقة، وانه كان يمثل عليها بقول زهير:
ليث بعثر يصطاد الرجال إذا ... ما كذب الليث عن أقرانه صدقا وقول الفرزدق:
لعن الإله بني كليب إنهم ... لا يغدرون ولا يفون لجار (?) (يريد التطابق بين كذب وصدق؛ وبين لا يغدرون ولا يفون) .
ولكن فضله إنما يتمثل في حشد الشواهد لها من النثر والشعر في القديم والحديث.
ومع أن الكتاب قد سمي باسم " البديع "، وهو موضوعه الرئيس، فإن ابن المعتز أضاف إليه " بعض محاسن الكلام والشعر " لتكثر فائدة كتابه، فتحدث في الالتفات والاعتراض والرجوع وحسن الخروج وتأكيد المدح بما يشبه الذم وتجاهل العارف والهزل الذي يراد به الجد والتضمين والتعويض والكتابة والإفراط في الصنعة وحسن التشبيه، فكأنه كان يضع كتاباً في البلاغة، مصراً على أن لفظة " البديع " لا تتناول إلا الخمسة الأولى. والكتاب يمثل مع " البيان والتبين " النواة لعلم البلاغة العربية، ولا يمس النقد الأدبي إلا بطريقة عارضة، من حيث أن النقاد من بعد شغلوا أنفسهم ببعض هذا المصطلح البلاغي في تقويمهم للشعر. غير ان الروح التي أملت الكتاب كانت تمثل جانباً من الحركة النقدية في القرن الثالث، على نحو طريف معكوس، فبدلاً من إنصاف الشعر المحدث، ذهب ابن المعتز ينصف القديم، وعن