الرسالة لا تتضمن سوى ذكر المساوئ، التي ترتفع إلى حد الاتهام المتحامل أحياناً. كان يقال إن أبا تمام أخفى الشعر الذي يشبه شعره حين صنع مختاراته لتخفي سرقاته، وذلك ما أشرنا إليه فيما سبق عند الحديث عن حماسة أبي تمام.
أبو تمام ومذهبه سبب في تأليف كتاب البديع
ويصح لنا أن نقول إن أبا تمام كان يمثل " مشكلة فنية " لدى ابن المعتز، وان هذه المشكلة بدأت مبكرة في تصوره لها، وكانت سبباً من الأسباب التي وجهته إلى تأليف كتاب البديع، ليدل على أن هذا الفن موجود عند العرب وفي القرآن والحديث وكلام الصحابة، وان المحدثين لم يكونوا مبتكرين له وان " حبيب بن أوس من بعدهم شغف به حتى غلب عليه وتفرغ فيه واكثر منه فأحسن في بعض ذلك وأساء في بعض وتلك عقبى الإفراط وثمرة الإسراف " (?) .
وقد كان ابن المعتز على وعي بأن هذا الفن لم يعرفه العلماء باللغة والشعر القديم ولا يدرون ما هو وما هي الأنواع التي تقع تحته، وانه مبتدع في استقصائه لصوره وأنواعه غير مسبوق إلى ذلك؛ وقد ألف كتابه سنة 274 وكان أول من نسخه منه هارون بن يحيى بن أبي المنصور المنجم (?) . وفنون البديع عنده خمسة وهي: الاستعارة والتجنيس والمطابقة ورد إعجاز الكلام على ما تقدمها والمذهب الكلامي؛ وقد كان الجاحظ ذكر البديع وأورد أمثلة منه في البيان والتبين، وهو صاحب مصطلح " المذهب الكلامي " بغقرار ابن المعتز نفسه، وبعض المصطلحات الأخرى إنما هي مما استعمله الناس قبل ابن المعتز، فالاستعارة مثلاً مصطلح قديم. كذلك