خلاصة في مميزات أبن قتيبة في النقد

وعلى الرغم من فقر المصطلح النقدي لدى أبن قتيبة فقد تمرس في مقدمته بأكبر المشكلات النقدية التي سيكثر حولها الحديث من بعده، فتحدث عن الشعر من خلال قضية اللفظ والمعنى، والتكلف وجودة الصنعة، وعن ضرورة التناسب بين الموضوعات في القصيدة الواحدة وتلاحقها في سياق، واعتمادها على وحدة معنوية تقيم التلاحم و " القران " بين أبياتها، وعن أسباب خارجة عن الشعر أحياناً تمنحه في نفوس الناس منعزلة وقيمة، وعن العيوب الشكلية التي تعتري العلاقات الإعرابية والنغمات الموسيقية والقوافي. وألمح إلى أهمية التأثير في نفسيات الجماهير بالتناسب والمشاركة العاطفية، وتحدث عن الشاعر متكلفاً ومطبوعاً، وعن المؤثرات والحوافز التي تفعل فعلها في نفسه، وعن علاقة الشاعرية بالأزمنة والأمكنة وعن ثقافة الشاعر، وتفاوت الشعراء في " الطاقة الشعرية "؛ وبذلك كان من أوائل النقاد اللذين لم يتهيبوا الوقوف عند القضايا النقدية الكبرى، كما كان من أبرزهم التفاتاً إلى العوامل النفسية والمبنى الفني الكلي؛ وبينا ذهب الجاحظ إلى وضع نظريات لم ينضجها البحث والدرس، وضع أبن قتيبة استنتاجات تدل على خاطر ذوقي نقدي أصيل، كانت كفاءً بنقل النقد إلى مرحلة جديدة.

أبو العباس عبد الله بن المعتز (- 296)

ناقد انطباعي

لعل ابن المعتز خير مثل الناقد الذي كان يؤمن بقول القائل " أشعر الناس من أنت في شعره حتى تفرغ منه " (?) ، وهو قول كان يعجب ابن قتيبة، لأنه يريح الناقد من المفاضلة أو البحث عن تداول المعنى، ويعبر عن لحظات التحول والتردد في أذواق الناس، ونشوء الميل الآني إلى الشيء، وتجربة صدمة الإعجاب الأول لدى الكشف المفاجئ. " أشعر الناس من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015