حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شَبُّوَيْهِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُبَارَكِ يُحَدِّثُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَنَسٍ السُّلَمِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو شَجَرَةَ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى قَدْ خَرَجَ فِي الرِّدَّةِ فَقَالَ: "

[البحر الطويل]

صَحَا الْقَلْبُ عَنْ سَلْمَى هَوَاهُ وَأَقْصَرَا ... وَطَاوَعَ فِيهَا الْعَاذِلِينَ فَأَبْصَرَا

وَأَصْبَحَ أَدْنَى رَائِدِ الْجَهْلِ وَالصِّبَا ... كَمَا وُدُّهَا عَنَّا كَذَاكَ تَغَيَّرَا

-[765]-

وَأَصْبَحَ أَدْنَى رَائِدِ الْوَصْلِ فِيهِمُ ... كَمَا حَبْلُهَا مِنْ حَبْلِنَا قَدْ تَبَتَّرَا

أَلَا أَيُّهَا الْمُدْلِي بِكَثْرَةِ قَوْمِهِ ... وَحَظُّكَ مِنْهُمْ أَنْ تُضَامَ وَتُكْدَرَا

سَلِ النَّاسَ عَنَّا كُلَّ يَوْمِ كَرِيهَةٍ ... إِذَا مَا الْتَقَيْنَا دَارِعِينَ وَحُسَّرَا

أَلَسْنَا نُعَاطِي ذَا الطِّمَاحِ لِجَامَهُ ... وَنَطْعَنُ فِي الْهَيْجَا إِذَا الْمَوْتُ أَفْقَرَا

وَعَارَضَتْهَا شَهْبَاءُ تَخْطِرُ بِالْقَنَا ... تَرَى الْبُلْقَ فِي حَافَّاتِهَا وَالسَّنَوَّرَا

فَرَوَيْتُ رُمْحِي مِنْ كَتِيبَةِ خَالِدٍ ... وَإِنِّي لَأَرْجُو بَعْدَهَا أَنْ أُعَمَّرَا

قَالَ: فَبَيْنَمَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقْسِمُ الصَّدَقَةَ فِي النَّاسِ إِذْ جَاءَهُ أَبُو شَجَرَةَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَعْطِنِي؛ فَإِنِّي ذُو حَاجَةٍ قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَبُو شَجَرَةَ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى السُّلَمِيُّ قَالَ: أَبُو شَجَرَةِ أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ، أَلَسْتَ الَّذِي تَقُولُ:

فَرَوَيْتُ رُمْحِي مِنْ كَتِيبَةِ خَالِدٍ وَإِنِّي لَأَرْجُو بَعْدَهَا أَنْ أُعَمَّرَا قَالَ: ثُمَّ جَعَلَ يَعْلُوهُ بِالدِّرَّةِ فِي رَأْسِهِ حَتَّى سَبَقَهُ عَدْوًا، وَرَجَعَ إِلَى نَاقَتِهِ فَارْتَحَلَهَا، ثُمَّ أَسْنَدَهَا فِي حَرَّةِ شُورَانَ رَاجِعًا إِلَى أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ فَقَالَ:

[البحر البسيط]

قَدْ ضَنَّ عَنَّا أَبُو حَفْصٍ بِنَائِلِهِ ... وَكُلُّ مُخْتَبِطٍ يَوْمًا لَهُ وَرِقُ

مَا زَالَ يُرْهِقُنِي حَتَّى خَزِيتُ لَهُ ... وَحَالَ مِنْ دُونِ بَعْضِ الرَّغْبَةِ الشَّفَقُ

لَمَّا رَهِبْتُ أَبَا حَفْصٍ وَشُرْطَتَهُ ... وَالشَّيْخُ يَفْزَعُ أَحْيَانًا فَيَنْحَمِقُ

-[766]-

ثُمَّ ارْعَوَبْتُ إِلَيْهَا وَهْيَ جَانِحَةٌ ... مِثْلُ الطَّرِيدَةِ لَمْ يَنْبُتْ لَهَا وَرَقُ

أَوْرَدْتُهَا الْخَلَّ مِنْ شُورَانَ صَادِرَةً ... إِنِّي لَأَذْرِي عَلَيْهَا وَهْيَ تَنْطَلِقُ

تَطِيرُ مَرْوُ أَبَانٍ عَنْ مَنَاسِمِهَا ... كَمَا تُنُوقِدَ عِنْدَ الْجَهْبَذِ الْوَرَقُ

إِذَا يُعَارِضُهَا خَرْقٌ تُعَارِضُهُ ... وَرْهَاءَ فِيهَا إِذَا اسْتَعْجَلْتَهَا خُرُقُ

يَنُوءُ آخِرُهَا مِنْهَا بِأَوَّلِهَا ... صُرْحُ الْيَدَيْنِ بِهَا نَهَّاضَةٌ الْعُنُقُ

قَالَ مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ دِلَافٍ، عَنْ أَبِيهِ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ كَانَ يَشْتَرِي الرَّوَاحِلَ فَيُغَالِي بِهَا، ثُمَّ يُسْرِعُ السَّيْرَ فَيَسْبِقُ الْحَاجَّ، فَأَفْلَسَ فَرُفِعَ أَمْرُهُ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الْأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ جُهَيْنَةَ رَضِيَ مِنْ دِينِهِ وَأَمَانَتِهِ أَنْ يُقَالَ سَبَقَ الْحَاجَّ، أَلَا وَإِنَّهُ ادَّانَ مُعْرِضًا فَأَصْبَحَ وَقَدْ رِينَ بِهِ، فَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا بِالْغَدَاةِ نَقْسِمُ مَالَهُ بَيْنَ غَرَائِمِهِ، ثُمَّ وَإِيَّاكُمْ وَالدَّيْنَ؛ فَإِنَّ أَوَّلَهُ هَمٌّ، وَآخِرَهُ حَرْبٌ "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015