إلى شمال أفريقيا عن اضطراب الأحوال في الأندلس، وتنازع القبائل العربية فيها.

وكانت الأندلس في ذلك الوقت، أي بعد سنة 130هـ/747 م تقريباً، قد صفت ليوسف ابن عبد الرحمن الفهري، وهو واليها الأخير، وللصميل بن حاتم الكلابي. فقد استطاع الأخير، الذي كان من زعماء جند قنسرين، أن يقود حرباً شعواء على الوالي أبي الخطار الكلبي، انتهت بمقتل الأخير، وهزيمة مؤيديه، الذين كان معظمهم ينتمي إلى القبائل اليمنية، وذلك في موقعة شقندة التي جرت بالقرب من قرطبة. وبعد هذه الموقعة لم يعد هناك منافس ليوسف الفهري والصميل، ولكن يوسف لم يكن له سوى الاسم واللقب، وذلك لاستئثار الصميل بالحكم وتدبير الأمور. وقد أدى هذا الأمر إلى ضجر يوسف الفهري، ففكر بإبعاد الصميل، وذلك بتوليته على مدينة سرقسطة في الشمال الشرقي من البلاد. ورحب الصميل بهذه الفكرة التي اعتقد بأنها ستتيح له السيطرة على جماعات العرب اليمنيين في تلك المنطقة (?).

استغل عبد الرحمن بن معاوية هذه الأحداث، وحاول أن يستفيد منها في تنفيذ خطته بالعبور إلى الأندلس، وإعادة السلطة الأموية إليها. وقد ساعده في هذا وجود العديد من الموالي أو الأنصار الموالين للأمويين في الأندلس، وبشكل خاص في كورتي البيرة وجيان. وهؤلاء يشكلون مجموعة الموالي الذين رافقوا الشاميين ضمن جندي دمشق وقنسرين. وقد أسلفنا أن هؤلاء كانوا على اتصال وثيق بالبيت الأموي، ولهذا فقد عرفوا بموالي بني أمية. وكانوا يتألفون من نحو خمسمئة رجل في هاتين الكورتين، وإن كان بعضهم قد عاش أيضاً في أماكن أخرى. ومن زعمائهم أبو الحجاج يوسف بن بخت، الذي كان رئيساً للموالي في جيان، وكذلك أبو عثمان عبيد الله بن عثمان، وعبد الله بن خالد، اللذان كانا من رؤساء الموالي في جند دمشق في البيرة (?). وكانت حالة هؤلاء الموالي، ومكانتهم جيدة، ويمتلكون ثروة لا بأس بها، لا سيما زعمائهم المذكورين آنفاً، حيث كانت لهم أراضٍ وممتلكات، ونفوذ كبير، وهيبة قوية بين بقية المستقرين في الأندلس يضاف إلى ذلك، أنهم خالطوا كبار القادة من الشاميين والبلديين، فضلاً عن السكان المحليين، وأفراد الأسرة القوطية المالكة السابقة. وقد حصل هؤلاء القادة الثلاثة على عشرة ضياع لكل واحد منهم، منحة من أرطباس بن غيطشة، ملك القوط السابق. فاتخذ أبو عثمان مسكنه في طرش Torrox، وهي قرية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015