الحريرية (?). وقد نال هذا الخليفة إعجاب عامة الناس وأنزلوه منزلة الأولياء وحاكوا حوله الأساطير، التي تعبر عن خيال العامة التي ازداد تعلقها بهذا الخليفة (?). وبعد موت هذا الخليفة أخذت دولة الموحدين بالأفول، ولا سيما بعد معركة العقاب عام 609 هـ. وتولى بعد الناصر ملوك ضعفاء لعبت بهم الأهواء وتجاسرت عليهم العامة، فأوجدت هذه الحالة نوعاً من القلق والتمزق النفسي في بلد الأندلس، فأكثر الشعراء من الشكوى، الشكوى من الدهر ومن الظلم ومن الفقر ومن الفساد (?). هذا بالإضافة إلى ميل ولاة الأمر إلى شراء الجواري وتعليمهن الغناء، فقد كان لدى (أبو علي بن يبقى) والي مالقة جارية علمها الغناء فطلبها منه أبو العلاء المأمون فلم يستجب لطلبه، فلما تولي المأمون الخلافة عام 626 هـ أحضر إليه أبا علي وضرب عنقه في إشبيلية (?).

وكان للمرأة مكانة مرموقة بالأندلس في عصر الموحدين، وهو استمرار للعصر السابق، ونستدل من آراء ابن رشد فيلسوف الموحدين علو المكانة التي وصلت إليها المرأة. فإبن رشد يرى أنه لا اختلاف بين الرجال والنساء في الطبع وإنما هو اختلاف في الكم، أي أن طبيعة النساء تشبه طبيعة الرجال، ولكن النساء أضعف من الرجال في الأعمال. فطالب بإفساح المجال للنساء بالعمل وإعطائهن حرية التفكير (?). ولعل هذه النظرة هي التي شجعت الشعراء على رثاء زوجاتهم دون أي خجل، وخير مثال رثاء ابن جبير زوجته أم المجد بديوان شعر كامل (?). وفي عصر الموحدين يلمع إسم الشاعرة حفصة الركونية، وأخريات غيرها (?)، كن يقلن غزلاً صريحاً دون حرج أو خوف من عرف إجتماعي (?).

وتزوج الخلفاء الموحدون من سبايا الإسبان، واعتباراً من عهد الخليفة أبي يعقوب يوسف، ولهذا كان بعض أولاده وأولاد أولاده من هؤلاء الإسبانيات (?). وتميز هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015