زياً لهم تطاولاً على الناس وترفعاً (?)، ومن هنا حتم ابن عبدون بأن اللثام لا بد أن يكون خاصاً بالصنهاجي أو اللمتوني أو اللمطي بالأندلس (?).

وخلال الحكم المرابطي للأندلس تلوح لنا ظاهرة اجتماعية جديرة بالإشارة وهي ظاهرة المدجنين، أي الأندلسيين الذين بقوا في مدنهم تحت سيطرة الممالك الإسبانية.

هذه الممالك التي بدأت تسيطر على أهم قواعد الأندلس اعتباراً من عام 478 هـ حيث سيطر ألفونسو السادس على مدينة طليطلة واتخذها عاصمة لمملكته. وتلا هذا التاريخ سيطرة الإسبان على قواعد أندلسية خلال الحكم المرابطي. وقد تعرض هؤلاء المدجنون إلى الاضطهاد والتنصير والإفناء بعد انتصار المرابطين في معركة الزلاقة عام 479 هـ. وبمرور الزمن تعرضت هذه الجماعات إلى الانحلال والانقراض بتوالي الأجيال، وانقطاع الصلة بمواطن العروبة والإسلام، فأخذوا يفقدون الكثير من أخلاقهم وتقاليدهم ولغتهم. ومع ذلك فقد ظلت بقايا قليلة منهم، رغم الإرهاب، محتفظة بعروبتها حتى أواخر القرن السادس عشر الميلادي (?).

وانضوت الأندلس تحت الحكم الموحدي القائم على الدين أيضاً، فسادت حياة الجهاد والخشونة على البلاد في البداية، وكرس خلفاء الموحدين جهودهم في إشاعة الأمن والاستقرار في ولاياتهم. ولما بلغ الخليفة عبد المؤمن عودة بعض الناس إلى مجالس الغناء والطرب أصدر مرسوماً عام 556 هـ إلى ولاته بمطاردة هؤلاء وإزالة المنكرات (?). وسار على نهجه ولده أبو يعقوب يوسف (558 - 580 هـ) فنعمت الأندلس في عهده بالاستقرار والهدوء، ووصف هذا الخليفة بالتدين ورغبته في الجهاد (?)، وتوفي متأثراً بجراحه كما هو معروف. وفي عهد الخليفة المنصور (580 - 595 هـ) جاهر بالمذهب الظاهري وجعله المذهب الرسمي. وطارد علم الفروع، وحارب المذهب المالكي وعمل على إزالته من المغرب والأندلس (?). وهذا الأمر رغم كونه عقائدياً، إلا أن له صفة إجتماعية تتعلق بمعتقدات الناس اليومية.

كما نشط هذا الخليفة بمطاردة مظاهر الفساد والفجور حتى أنه منع صنع الثياب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015