إمارات الطوائف المعروفة. وامتاز هذا العصر بالحروب المستمرة بين أمراء الطوائف، وحتى بين الإمارات ذات الأصل الواحد (?). وكان الجشع الفردي والحرص على الكسب وإيثار المصلحة الشخصية عوامل تطغى أحياناً على جميع الاعتبارات الأخرى في هذه الفترة، وأحياناً داخل الإمارة نفسها (?).
وأفرز هذا الوضع السياسي للأندلس، وجود طبقة الخاصة التي كبرت وتنوعت في كل بلاط من بلاطات أمراء الطوائف، وهناك الطبقة العامة. وتخلل هذا العصر وجود طبقة واعية أدركت مصير الأندلس وما وصل إليه من تفكك، فجابت بلاد الأندلس تدعو إلى الوحدة ولمّ الشمل ومن أبرز زعماء هذه الطبقة ابن حزم وأبو الوليد الباجي (?).
وقد قاسى الشعب الأندلسي في ظل حكم أمراء الطوائف الأمرّين. فبجانب الفتن الداخلية، قاسى الشعب من جشع ملوك الطوائف الذين جعلوا من إماراتهم ضياعاً خاصة وجعلوا رعاياهم عبيداً، ينهبون أموالهم، وثمار كدهم، إرضاءً لشهواتهم في إنشاء القصور الباذخة، واقتناء الجواري والعبيد، والانهماك في حياة الترف، هذا بالإضافة إلى دفع الإتاوات إلى ملوك الإسبان والارتماء في أحضانهم من أجل البقاء والمحافظة على كرسي مهزوز، فأصيب الشعب بخيبة أمل مريرة (?)، وساد التمزق النفسي في المجتمع الأندلسي وعلت أصوات الرحيل عن الأندلس، وبخاصة بعد سيطرة النورمان على مدينة بربشتر عام 456 هـ، وسيطرة ألفونسو السادس على طليطلة عام 478 هـ (?). وبرزت في هذا العصر عصابات الأشرار التي قادها الكمبيادور وغيره والتي عاثت في بلد الأندلس فساداً، كما ظهرت مجموعة من الشخصيات القلقة المغامرة التي قدمت خدماتها لأي أمير تلقى عنده العون والتأييد، أمثال شخصية الشاعر ابن عمار وزير المعتمد بن عباد، وبعض الفقهاء الذين أوقع عليهم بعض المؤرخين مسؤولية تضييع الأندلس (?).
وكان أكثر ملوك الطوائف يتسمون بضعف الإيمان والعقيدة، والاستهتار بأحكام