بمعاقرة الخمر، ولازمته هذه الصفة طوال حياته (?). وربما نميل إلى أنها من التهم التي ألصقت به. وبسبب حملات الجهاد الكثيرة التي قادها الحاجب المنصور والتي تكلل معظمها بالنصر، فقد امتلأت الأندلس في عصره بالغنائم والسبي من بنات الإسبان، فأقبل الناس على الزواج من الإسبانيات تاركين بنات الأحرار، فكان الرجل صاحب البنت يغالي في تجهيز بنته من أجل الإقبال على الزواج منها (?).
وهكذا عادت إلى المجتمع الأندلسي في فترة الحجابة بعض الأمراض الاجتماعية التي كان قد برئ منها في عصر الخلافة. فقد أدى استخدام الحاجب المنصور للمرتزقة من البربر والصقالبة ومسيحيي الإسبان، إلى نوع من الانفصال بين الشعب والجيش، وأحياناً إلى وجود الكراهية بينهما. كما أن سلوك الحاجب المنصور في الوصول إلى السلطة، قد أدى إلى تفشي روح الطمع، وشيوع التطلع إلى الغلبة، هذا بالإضافة إلى مجالس اللهو والشرب التي ولع بها الحاجب المنصور مع ظهوره بمظهر المتعصب للدين والحامي لمبادئه (?).
وازداد تفكك المجتمع الأندلسي خلال فترة الفتنة 399 - 422 هـ، وساد الاضطراب والقلق عامة الناس بسبب الصراعات السياسية المريرة، واختلف الناس في مشاربهم من أجل التخلص من هذا الوضع المضطرب، فمنهم من غرق في الملذات أمثال محمد بن هشام بن عبد الجبار الذي وصف بالخلاعة والمجون (?).
ومنهم من يميل إلى العزلة، ومنهم من جارى الأحداث ودخل في معترك الفتنة وذاق خيرها وشرها (?).
ثم سقطت الخلافة الأندلسية عام 422 هـ وقام بالأندلس عصر الطوائف فاهتز المجتمع الأندلسي المتعدد الأجناس والذي يتألف من العرب والبربر والصقالبة والمستعربين وغيرهم. فمع انتشار القلق الاجتماعي وشيوع الاضطراب والعنف، تشكلت التكتلات العرقية فأصبحت الوسيلة الوحيدة للحصول على الأمن، فقامت