ذات الأحواش الداخلية المزينة بالأزهار والورد ونافورات المياه، واشتهر الداخل بأنه كان يرسل بعض رجاله إلى المشرق لجلب أشجار الفاكهة من بلاد الشام (?). وقد أدى هذا الاستقرار الاجتماعي إلى أن يفتح المجتمع الأندلسي عيونه على بواكير الحضارة المشرقية (?).

وفي فترة الازدهار 206 - 273 هـ، تقدمت الأندلس في مجال الرقي الاجتماعي والحضاري، وقد ساعد على هذا رغبة أمراء هذه الفترة في الإصلاح والانفتاح أولاً، كما ساعد عليه كذلك ازدهار اقتصاديات الأندلس ثانياً. وقد أدى هذا الازدهار الاقتصادي إلى بروز مظاهر الترف والرفاه في حياة الأمراء وأقرانهم من أثرياء المجتمع الأندلسي على الأقل. ويتمثل هذا الترف في فتح أبواب الأندلس لتجارة العراق، فدخلته البضائع العراقية كالملابس وأدوات الزينة، وتذكر لنا بعض الروايات أن الأمير عبد الرحمن الأوسط اشترى من أحد التجار عقداً كان للسيدة زبيدة زوجة هارون الرشيد بمبلغ عشرة آلاف دينار، وأهداه إلى زوجته (?). وبالإضافة إلى مظاهر العيش الواسع للأمراء وكبار رجال الدولة الذي وفرته الأموال التي حصل عليها أفراد المجتمع الأندلسي، وانعكس هذا على شراء الجواري المشرقيات الحاذقات بالأدب وفنون الغناء كجواري الأمير عبد الرحمن الأوسط اللواتي جلبهن من بغداد (?). وانعكس أيضاً على بناء عدة منى (جمع منية) وهي عبارة عن قصر ريفي في ضواحي المدينة ضمن حدائق غناء (?). كما جاءت هجرة زرياب إلى الأندلس عام 206 هـ فأحدث في مجتمعها تغييراً كبيراً بما أدخله من عادات جديدة، وبما أشاعه من تقاليد راقية، وبما بعثه في المجتمع الأندلسي من روح التأنق والتجمل، بالإضافة إلى إشاعة الموسيقى والغناء وتأسيس أول مدرسة أندلسية لهذين الفنين (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015