3 - دور التجار:
فتحت أبواب الأندلس أمام التجار المشارقة، وبخاصة في عهد الأمير عبد الرحمن الأوسط، فبجانب نقل التجار للسلع والبضائع إلى الأندلس، نقلوا معهم بعض الكتب العلمية وباعوها في أسواق الأندلس، حيث اشتراها علماء الأندلس واستفادوا منها في تنمية حركتهم العلمية. وقد كان في مقدمة هؤلاء التجار محمد بن موسى الرازي (توفي عام 273 هـ) وهو جد أسرة الرازي التي اشتهرت بكتابة التاريخ في عصر الخلافة (?).
وكذلك دخل كتاب العروض للخليل بن أحمد الفراهيدي إلى الأندلس على يد تاجر أهداه إلى الأمير عبد الرحمن الأوسط، وبدا هذا الكتاب عسير الفهم على أهل البلاط، وبعد أن اطلع عليه العالم عباس بن فرناس فسره وسهل فهمه لأهل الأندلس (?).
4 - هجرة العلماء إلى الأندلس:
نتيجة الاضطراب السياسي في المشرق، هاجر بعض العلماء إلى الأندلس، فلقوا الترحاب والرعاية في ربوعها، فكان الأمر كما يقول أحمد أمين: " ... علماء يضيق بهم الشرق من الفاقة فيرحلون إلى الغرب، وعلماء من الغرب يعوزهم العلم فيرحلون إلى الشرق ... " (?). ومن العلماء الذين رحلوا من المشرق إلى الأندلس في هذه الفترة، محمد بن موسى الرازي وهو من مدينة الري في إيران، ورأس عائلة المؤرخين المشاهير في عصر الخلافة (أحمد بن محمد وابنه عيسى بن أحمد). وكان محمد بن موسى الرازي تاجراً مشرقياً اتصل بالأمير محمد وعمل لديه في التجسس على أوضاع المشرق، وهو الذي ألّف كتاب الرايات في التاريخ (?).
وفي عصر الإزدهار تقدمت العلوم الطبية في الأندلس، وقد ساهم في تقدمها بعض الأطباء المشارقة الذين رحلوا إلى الأندلس، فعلموا أهلها وما وصل إليه أهل العراق في الطب. ويأتي في مقدمتهم إسحاق بن عمران العراقي الأصل الذي رحل إلى الأندلس (?). وإذا كان رائد الحركة الطبية في الأندلس في هذا العصر أحمد بن إياس