ولم يقف الأمر عند انتشار المذهب المالكي في الأندلس في هذه الفترة فقط، بل تعداه إلى انتشار قراءة أهل المدينة للقرآن - وبالذات قراءة نافع بن عبد الرحمن (توفي عام 169 هـ) (?) للقرآن (قارئ أهل المدينة) في الأندلس. وينسب إلى الغازي بن قيس إدخال هذه القراءة على عهد الأمير الداخل، وقد امتدح الإمام مالك هذه القراءة.
وكذلك قلدت الأندلس الحجاز في تنقيط القرآن وتشكيله (?). وحاول المذهب الحنفي طرق أبواب الأندلس، إلا أن ولاة الأمر فيها وبخاصة الأمير هشام أغلقوا الأبواب دون دخول هذا المذهب (?).
أما الأدب الأندلسي في فترة التأسيس والتوطيد، فسار على النهج التقليدي المشرقي من فخر وحماسة ومدح، إلا أنه أيضاً ظهرت بوادر أوليات الأدب الأندلسي، فهناك التجديد الموضوعي، وتزعمه الشاعر أبو المخشي عاصم بن زيد العبادي، الذي يتحدث في شعره عن محنته حين فقد بصره، فعبر عن هذه المحنة تعبيراً إيحائياً بسيطاً مؤثراً، وذلك حيث ذكر زوجته وخضوعها للأعداء بسبب فقدان عائلها لنور عينيه، وهذا ما يسمى بالتجويد الفني:
خضعت أم بناتي للعدا ... إذ قضى الله بأمر فمضى
ثم أخذ الشاعر يجسم محنة فقدان البصر، فيجعل من يصاب بها:
وإذا نال العمى ذا بصر ... كان حياً مثلُ ميت قد ثوى (?)
أما الأمير عبد الرحمن الداخل فكان شاعراً مقلداً، إلا أنه ركز على الجانب العاطفي عند وصفه للنخلة بشعره المعروف (?). ومن شعراء هذا العصر أيضاً الأمير الحكم بن هشام الذي وصف بالبلاغة والفصاحة وغلب على شعره الجانب الحماسي والعاطفي (?). أما الشاعر عباس بن ناصح الثقفي فكانت له رحلة مشرقية، وبعد رجوعه إلى الأندلس عينه الأمير الحكم على قضاء الجزيرة الخضراء مع شذونة، واشتهر شاعرنا