7 - دويلة سرقسطة:

تعد دويلة سرقسطة، أو الثغر الأعلى (?) من أكبر الدويلات القائمة في البلاد مساحة، وكانت تتميز فضلاً عن ذلك بموقعها المتاخم لدول الممالك الإسبانية الشمالية " بين قطلونية من الشرق، ونافارا أو نبرة من الشمال الغربي، وقشتالة من الجنوب والغرب " (?)، وتعد هذه الدويلة من أقدم الدويلات الأندلسية استقلالاً عن السلطة المركزية، ذلك أن موقعها النائي في شمال شرقي الجزيرة الأندلسية كان يحتم عليها دائماً الذود عن وجودها من جميع الأطماع المضطرمة حولها (?).

تولى حكم هذا الثغر يحيى بن عبد الرحمن التجيبي سنة 379 هـ/989 م بإقرار من المنصور ابن أبي عامر، وظل حاكماً عليه حتى وفاته سنة 408 هـ/1017 م فخلفه ولده المنذر الذي يعد أول حاكم لدويلة سرقسطة، حيث تلقب كغيره من حكام الدويلات بالألقاب السلطانية فتسمى بذي الرياستين ولقب بالمنصور. واشتركت هذه الدويلة في الأحداث الجارية على الساحة الأندلسية، فقاتلت قواتها بجانب الأندلسيين ضد البربر الذين كانوا تحت قيادة زاوي بن زيري الصنهاجي سنة 409 هـ/1018 م، ومع خسارة المعركة أيقن المنذر عدم جدوى هذه المنازعات لكون أهدافها لا تحقق له أية امتيازات أو مكاسب. فبدأ يراهن على دخول مدينة بلنسية بعد أن أصابتها الاضطرابات، نتيجة تنافس الصقالبة على الاستئثار بحكمها بعد وفاة مبارك العامري سنة 408 هـ، وقد تمكن مجاهد العامري من صد قوات المنذر ومنعه من دخول المدينة، واستمر الصدام بين الطرفين حتى تم إعلان عبد العزيز بن عبد الرحمن شنجول سنة 411 هـ/1021 م حاكماً على بلنسية وما يلحق بها من المدن عندئذٍ قرر المنذر الانسحاب إلى سرقسطة بعد أن انسحب مجاهد العامري إلى قواعده في دانية (?).

ومن الظواهر السلبية التي رافقت عصر المنذر، تلك العلاقات المشبوهة التي كانت تربطه بأمراء الممالك الإسبانية الشمالية، فقد كان على علاقة مع أمير برشلونة رامون بوريل، وشانجة أمير نافار، وألفونسو الخامس ملك ليون، وقد بالغ المنذر في التقرب من هؤلاء الأمراء والملوك حتى أسخط عليه العامة، فرمته بشتى أوصاف الخضوع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015