سابق، أو متغلب، أو زعيم أسرة، نزلت إلى ميدان الصراع الذي شمل البلاد كلها.

واستمرت هذه الحالة قرابة ثمانين عاماً حتى دخول المرابطين إلى الأندلس وتمكنهم بعد جهود مضنية من استعادة وحدة البلاد، والوقوف بوجه الممالك الإسبانية الشمالية الساعية إلى غزو البلاد والقضاء على كل معالم عروبتها وحضارتها.

وبعد هذا العرض السريع للأحداث التي توالت على الأندلس يمكن أن ندرج الأسباب التي أدت إلى سقوط الخلافة الأموية بالأندلس على الشكل الآتي:

1 - غياب القائد، والأداة القادرة على الحسم في الوقت المناسب:

إن غياب القائد والأداة القادرة على الحسم من الأسباب الأصلية التي أدت إلى زوال الخلافة الأموية من الأندلس، وما عدا ذلك من الأسباب فلاحقة بهذا السبب بشكل أو بآخر. فالقائد المطلوب في الأندلس نمط خاص من الرجال وبناء متكامل من العصامية والفروسية والمقدرة الإقتحامية وبناء متكامل من النظرة الشاملة والوعي المقتدر المبدع والسرعة في اتخاذ القرار. وهذا النمط من الرجال يولد حيث توجد الأزمات، والتحديات المصيرية، وعندما يظهر في الميدان يبدو وكأن الكل يعرفه، ومن ثم فهو وحده القادر على توجيه الأدوات في اتجاه الأهداف المركزية للدولة، بعد امتلاكها لجميع القدرات الفاعلة في الرد على التحدي، بتحدٍّ أقوى وأكثر عنفواناً، وبمعنى آخر: إن الأندلس خلال هذه الفترة كانت تحتاج إلى رجال قادرين على التفاعل مع الأحداث، رجال من طراز عبد الرحمن الداخل مؤسس الدولة، وعبد الرحمن الناصر باني مجدها السياسي والحضاري.

2 - الفصل بين السلطة الروحية والسلطة الزمنية:

استمر الحاكم في الأندلس " أمير أو خليفة " يجمع بين السلطتين الزمنية والروحية إلى أن سيطر الحاجب المنصور ابن أبي عامر ثم أبناؤه من بعده (عبد الملك وعبد الرحمن) على مقاليد الأمور في عهد الخليفة هشام المؤيد فانتزعوا السلطة الزمنية لأنفسهم، وتركوا الخلافة مجرد رمز لا معنى له في الأصل، وكان هذا الفصل مقدمة لنهاية الخلافة لا سيما بعد أن أجبر عبد الرحمن شنجول الخليفة المؤيد على توليته العهد بعده، وهو أمر خطير، هز الأندلس هزاً عنيفاً وقاد البلاد إلى دوامة الفتن والحروب وتسابق كل الطامعين إلى نيل الخلافة التي أفرغت من مضامينها الأصلية (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015