ومع سوء الأحوال، والنقص الشديد في الموارد الأساسية المعززة لصمود المدينة، وتعنت عامة أهل قرطبة ورفضهم المطلق لكل دعاوي الصلح والسلام، بل كانت الدعوة إلى الصلح والتصافي بين الأطراف المتنازعة تثير فيهم أنواعاً من أعمال العنف غير المسوغة حتى سدت جميع أبواب الوساطات (?)، فقد أيقن واضح الصقلبي أن بقاءه في العاصمة يعني انتظاره لمصير مجهول لا تحمد عواقبه، فحاول مغادرتها سراً، لكن أمره افتضح من قبل كبار الجند، فقبض عليه، وتمت تصفية أمواله وإعدامه (?).

وفي أواخر شهر شوال سنة 403هـ، مارس 1013 م اجتاحت قوات المستعين العاصمة قرطبة ودخلتها عنوة، وقبض على الخليفة هشام المؤيد وقتله (?)، وأعلن نفسه خليفة في الأندلس وللمرة الثانية (?)؛ وبدأ سليمان بتنظيم شؤون الحكومة المضطربة " وكانت الفوضى قد سرت إلى جميع النواحي، وتفككت عرى الدولة، وقصر نفوذ الحكومة إلا عن قرطبة وما يجاورها، وقبض البربر الذين رفعوا سليمان إلى (الخلافة) على السلطة الحقيقية، فتولوا مناصب الحجابة والوزارة، وسائر المناصب المهمة. ورأى سليمان إرضاء لهم من جهة، وإبعاداً لهم عن قرطبة من جهة أخرى، أن يقطعهم كور الأندلس، وكانوا ست قبائل رئيسة، فأعطى قبيلة صنهاجة وزعماءها بني زيري، ولاية البيرة (غرناطة)، وأعطى مغراوة جوفي البلاد، وبني برزال وبني يفرن ولاية جيان ومتعلقاتها، وبني دمر وازداجة منطقة شذونة ومورور، وأقر المنذر بن يحيى التجيبي على ولاية سرقسطة والثغر الأعلى ... وولى بني حمود الأدارسة ثغور المغرب ... ".

ويهمنا هنا أمر بني حمود الصنهاجيين لدورهم في أحداث البلاد بعد ذلك، فقد ولي القاسم بن حمود بن علي الجزيرة الخضراء، وولي أخوه علي بن حمود مدينتي سبتة وطنجة، وتولية بني حمود الصنهاجيين أمر المغرب والجزيرة الخضراء أول بلاد الأندلس سقطة حسبت على المستعين وأذهبت دولته (?)، فقد بلغ الطموح بعلي بن حمود مبلغه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015