وفي منتصف شوال سنة 400 هـ/ مارس، 1010 م وقع اللقاء بين الطرفين في مكان عقبة البقر (?)، ومع اشتداد أوار المعركة وارتداد قوات البربر؛ توقع سليمان المستعين الهزيمة، فهرب من الميدان نجاة بنفسه (?)؛ ولكن قوات البربر أعادت الكرة وبشدة فخرقت صفوف قوات المهدي، وأنزلت بها الخسائر الفادحة، وارتدوا بعد ذلك إلى قرطبة وأجلوا ذويهم وحملوا أموالهم وأخلوا العاصمة باتجاه وادي آره، ليدخلها المهدي ويعلن خلافته للمرة الثانية (?).
ولكن المهدي لم يكف عن ملاحقة البربر فاصطدم بهم عند وادي آره على نهر الوادي الكبير، ودارت بين الطرفين معركة شديدة انتهت بهزيمته، وارتداده بفلوله إلى العاصمة قرطبة (?)؛ وكان لهذا الإنكسار آثاره السلبية على مكانة المهدي، فقد استمرت قوات البربر تغير على نواحي العاصمة بين الحين والآخر، وضاقت الأحوال بسكانها مع سوء سياسة المهدي وبطانته؛ وقد وجد واضح الصقلبي في هذه الظروف فرصة مناسبة للخلاص من المهدي، فتعاقد مع بعض الفتيان الصقالبة على اغتيال المهدي في ذي الحجة من سنة 400 هـ (?)، وأعادوا الخليفة المؤيد، وأعلنوا بيعته أمام الملأ (?).
" وهكذا استرد هشام المؤيد الخلافة بعد سلسلة من الخطوب والأحداث ... وكان يومئذٍ كهلاً في نحو السابعة والأربعين من عمره، وكان قد مضى عليه مذ ولي الخلافة صبياً لأول مرة أربعة وثلاثون عاماً، وفي تلك الفترة شهدت الأندلس طائفة من الأحداث الجسام لم تشهد مثلها من قبل " (?).
ولكن سليمان المستعين وقواته من البربر رفضوا الولاء للسلطة الجديدة، وبدأوا ينفذون خطة لاستعادة سلطانهم السابق، فبدأت غاراتهم المرهقة على أطراف العاصمة وبعض المدن الأخرى (?). حتى فقدت البلاد مواردها الإقتصادية، وانفلت الأمن في عمومها (?).