الفَصْلُ الأَوَّل
تولية عبد الرحمن الناصر
- جهوده فى استعادة الوحدة الوطنية:
بوفاة الأمير عبد الله سنة 300 هـ/912 م تولى حفيده عبد الرحمن بن محمد (?) الإمارة دون أعمامه، أو أعمام أبيه الذين كانوا أحق منه بالإمارة، ولعل من جملة الأسباب التي قدمت الأمير عبد الرحمن على غيره من أمراء بني أمية سببين:
الأول: شخصيته.
والثاني: طبيعة الدولة الأموية في هذه الفترة.
فقد نشأ الأمير عبد الرحمن يتيماً في كفالة جده الأمير عبد الله محاطاً بالرعاية والاهتمام الزائدين محبوّاً بعناية لا حدود لها حتى بزَّ أقرانه من الأمراء في العلوم والآداب وفنون الفروسية والسياسة التي تدرب عليها نظرياً وعملياً في بلاط جده الأمير الذي بدأ ومنذ وقت مبكر يكل إليه مهام الأمور، وينيبه في الجلوس عنه في الاحتفالات والأعياد (?)، فكان مميزاً من بين أمراء بني أمية، محاطاً بأنظار الخاصة من كبار رجال الدولة عسكريين ومدنيين، معروفاً من العامة وطبقاتها المختلفة، وكان في نظر الجميع مؤهلاً أكثر من غيره ليتولى قيادة الدولة بعد جده الأمير عبد الله، ذلك أن الأمير عبد الرحمن كان من بين كل أمراء بني أمية نمطاً فريداً من الرجال توازن بناؤه الذاتي والفكري مع درجة تعقيد الفترة التاريخية التي عاصرها فهو لم يترك شخصيته تنمو تلقائياً وإنما كان ينميها مرتبطاً بدرجة التأزم والتحديات التي كانت تمر بها الدولة العربية في الأندلس، لذا قدر له أن يعيد أمجاد الدولة العربية ويضطلع بدور يشبه إلى حد كبير دور مؤسس الدولة عبد الرحمن الداخل. وفضلاً عن ذلك فإن بعض الروايات التاريخية تؤكد