شجعوا هذا الاتجاه مورجاتو المتوفى سنة 173هـ/789 م، الذي استقل في جليقية، وبالغ في التودد إلى المسلمين، وشجع بحماس زواج الفتيات المسيحيات من المسلمين. وكان هذا الحاكم، نفسه ابناً لألفونسو الأول من أم عربية، ولكن دعوته لم تلاقِ النجاح المطلوب بسبب بغض النصارى المتعصبين ورجال الدين له (?).
وقد قامت علاقات مصاهرة قوية بين بعض الأسر المتنفذة في منطقة الثغر الأعلى، مثل بني قسي المولدين، وبين حكام نافار في الشمال (?). ويبدو أن مثل هذه الأسر المولدة قد أرادت تقوية نفوذها بالزواج، هذا فضلاً عن عامل الجوار والقرب الذي يربط بين الطرفين. وكانت علاقات المصاهرة هذه من القوة بحيث كان بنو قسي يقفون أحياناً مع أصهارهم النافاريين بوجه حكومة قرطبة، أو الحكام الإسبان الآخرين (?).
ومن المصاهرات الطريفة التي حدثت في هذا العهد، زواج الأمير عبد الله بن محمد من إحدى الأميرات النافاريات، وهي ونقة Iniga ابنة فرتون بن غرسية Fortun Garces المعروف بالأنقر، الذي أسره الأمير محمد بن عبد الرحمن، وسجنه في قرطبة لمدة عشرين سنة (?). وكانت ونقة هذه قد تزوجت قبل ذلك من أمير نافاري، هو أزنار بن شانجة صلى الله عليه وسلمznar Sanchez، وأنجبت منه إبنة، هي طوطة Toda، التي ستصبح ملكة نافار، وتعاصر عبد الرحمن الثالث، وتفد عليه في سفارة سنة 347 هـ/958 م ساعية إلى عقد معاهدة سلم وصداقة مع قرطبة (?). أما ثمرة زواج الأميرة ونقة الثاني من الأمير عبد الله، فكانت ابناً؛ وهو الأمير محمد والد عبد الرحمن الثالث وبذلك تكون الملكة طوطة عمة الخليفة عبد الرحمن الناصر، لأنها أخت محمد، والد الناصر، من أمه ونقة (?). وتدل هذه المصاهرة على مدى العلاقات المتشابكة التي قامت بين سكان الأندلس وجيرانهم الإسبان في الشمال، مما كان له أثر بارز في احتكاك الشعبين واختلاطهم، وانتقال مظاهر الحضارة فيما بينهم.