قبل أن أتصدى للبحث في طبقات العرب وأنسابهم لا بد لي من محاولة لاستقصاء سبب التسمية. لا ريب أن كلمة "عرب" واضحة المدلول لدينا نحن أبناء هذه الأمة, فقد ألفناها وعشنا معها عشرات القرون، فأصبحت جزءًا من مداركنا البديهية. لكن السؤال الذي يفرض نفسه علينا في هذه الدراسة فيدفعنا إلى إمعان الفكر فيها هو: كيف؟ ومتى نشأت هذه التسمية؟ وما هو أصلها؟ وهل حافظت على مدلولها الأصلي؟ أم خضعت لبعض التطورات خلال العصور المتعاقبة؟.
لقد استقصى المستشرقون تاريخ الكلمة وتتبعوا معناها في اللغات السامية، وتلمسوا شتى المراحل التي مَرَّ فيها مدلولها، فوجدوا أن أقدم نص وردت فيه كلمة "عرب" هو نص آشوري يعود إلى الملك الآشوري "سلمنصر الثالث" الذي خاض في عام 853 ق. م. غمار معركة دامية في "قرقر" شمال حماة، ضد ملك دمشق الآرامي "بنحدد" الذي هاجمه مع حلفاء عديدين بينهم "جندب" أو "جنديبو" أحد مشايخ العرب، فهزمهم "سلمنصر" وخلد عمله على نصب تذكاري جاء في النص المنقوش عليه: "قرقر عاصمته الملكية أنا خربتها، أنا دمرتها، أنا أحرقتها بالنار، ... عشرون ألف جندي لحدد عازر "بنحدد" صاحب آرام "دمشق"، ألف جمل لجندب "العربي1 صلى الله عليه وسلمl - Urbi ... إلخ" ويعدد النص أسماء 12 ملكًا تألبوا عليه وبرزوا له في المعركة2.