...
الفصل الثالث: صلة العرب بالساميين
الشعب العربي هو الشعب الذي قطن شبه جزيرة العرب منذ القرون الموغلة في القدم، والتي لا ندرك مداها البعيد. وقد اصطلح العلماء على اعتبار هذا الشعب من الشعوب السامية التي كونت سكان الشرق الأوسط منذ أن عرف الماضي التاريخي لهذه المنطقة.
لقد لاحظ علماء اللغات أن صفات مشتركة تطبع هذه الشعوب بطابعها، فهي تشترك في كثير من نظمها السياسية وتقاليدها الاجتماعية وخصائصها اللغوية، وأوجه الشبه ظاهرة بين اللغات التي يتكلم بها أفرادها، وهي اللغات: العربية والعبرية والسريانية والآشورية والبابلية والكنعانية والفينيقية والآرامية والحبشية والنبطية ولهجات اليمن الجنوبية، فذهبوا إلى أن هذه اللغات تؤلف أسرة واحدة باعتبار أنها تشترك أو تتقارب في جذور الأفعال وتصاريفها، وفي أصول المفردات والضمائر والكلمات التي تدل على القرابة الدموية، وفي أسماء أعضاء الجسم والأعداد1، وبخاصة في تلك الصفة المهمة التي تتميز بها مجموعة اللغات السامية، وهي كون أفعالها مؤلفة من أصول ثلاثية الحروف على الأغلب، وأن الاشتقاق لا يتم بتغيير حروفها، بل بتغيير الحركات في داخل الكلمة الواحدة. مثال ذلك -في اللغة العربية- فعل قَتَلَ وهو أصل يتضمن معنى القتل، فبتغيير الحركات في حروفه تحصل مشتقات عدة أفعال أو أسماء أو نعوت "قَتَلَ، قَتْل، قِتْل، قُتُل" وقد تمد إحدى الحركات فيحصل "قاتل، قتيل، قتول، قتال ... إلخ" فإنه بمجرد تغيير الحركات في وسط الكلمة يتغير المعنى2. يضاف إلى ذلك أن ليس في اللغات السامية